×
محافظة المنطقة الشرقية

غليان داخلي وعلى الحدود من جراء قرارات ترامب

صورة الخبر

تخيل لو أن الموسيقى تعزف في مدارسنا مع النشيد الوطني في الصباح. تخيل كذلك لو كانت صالات السينما موجودة ومتوافرة في ربوع بلادنا، لو كانت الفلسفة والمنطق والموسيقى لها نصيب كبير في مناهجنا، لو كانت مدارسنا تقوم بنشاطات للطلاب وإخراجهم لزيارة المكتبات والمعامل والمتاحف، بدلا من زيارتهم مغاسل الموتى والقبور، لكُنّا أخرجنا أجيالا مستقرة نفسيا واجتماعيا، تقدر بعضها بعضا، ولا يفرقون بين رجل وامرأة، لكنا حفظنا أنفسنا ومجتمعنا من الدجالين الذين يروجون للخرافات، ويبيعون على البسطاء قوارير ماء أو زيت نفث فيه أحد الدعاة!، لكنا سلمنا من الفكر التكفيري والإرهابي، لكنا أخرجنا أجيالا عظيمة مفكرة ومبدعة ومعتزة بأوطانها وبعروبتها وحضارتها، ومحبة للجمال والحياة، وتسعى إلى عمارة أوطانها والرقي بها. التفكير الخاطئ، هو أحد أهم أسباب تخلّف العرب، وما زلت أذكر معلم التاريخ في المرحلة المتوسطة، عندما كان يشرح لنا تاريخ الأندلس، كان يقول لنا: إنه عندما كان العرب مؤمنين يؤدون صلاة الفجر في جماعة... إلخ، نصرهم الله ومكّنهم في الأرض! وهذا نهج فكري خاطئ. ففي الأندلس كان يُسمح للمسيحيين بممارسة شعائرهم، وكانوا يتلون ترانيمهم باللغة العربية، وكان يسمح لهم ببناء الكنائس، وكانت تتعانق أصوات أجراس الكنيسة مع أصوات الأذان في أبهى صورة من الانسجام والتناغم والتعايش، وكانوا يهتمون بالعلوم الطبيعية وترجمة الكتب اليونانية، وازدهرت الفنون وعلى رأسها الموسيقى التي أبدع فيها العرب غاية الإبداع، وتم تأليف مصنفات وكتب تختص بالموسيقى في ذلك العهد، ونحن وللأسف الشديد ما زلنا نتحدث عن حكم الموسيقى! ولا يوجد لدينا حتى الآن معهد يختص بالموسيقى والفنون! رغم أن العلم أثبت خلال التجارب والأبحاث العلمية فوائد الموسيقى وأثرها على صحة الفرد العضوية والنفسية، إضافة إلى قدرتها على زرع المحبة والسلام، كما أن الموسيقى تسهم في تقوية الانتماء للوطن والاعتزاز به، وكان يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن للموسيقى أهمية كبيرة في ميدان التعليم، وذلك لقدرتها على التغلغل في النفس والتأثير فيها بعمق، وتجعل الإنسان محبا للخير ومنصرفا عن الرذائل. ولا بد أن يعلم هؤلاء، أن الإسلام في جوهره دين جمال وحرية، دين عظيم يُعلي من قيمة الإنسان وقيمة الحياة، إذ يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها". دعوة إلى عمارة الأرض حتى في آخر لحظة! فديننا ليس دين تقييد ورهبانية وعنف وانعزال، كما صوره لنا بعض الدعاة. وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقول: عذرا رسول الله، فإن بعضا ممن يعتقدون أنهم يطبقون دينك، قد شوهوا صورة هذا الدين، وأساؤوا إليه، وأعانوا غير المسلمين على الإساءة إلى ديننا، خلال أفكار متخلفة متطرفة نسبوها إلى دينك، وأنت يا رسول الله ودينك بريئان منهم ومن أفكارهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.