بيروت: «الشرق الأوسط» مثل بقية أفراد عائلة الأسد، استفاد هلال نجل ابن عم الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، الذي قتل أول من أمس خلال معارك مع قوات المعارضة في ريف اللاذقية، من أصوله العائلية للحصول على امتيازات مالية جعلته واحدا من أبرز الأثرياء في عائلة الأسد، كما يقول معارضون سوريون. وتسلم هلال إدارة مؤسسة الإسكان العسكري ما يقارب العشرين سنة بنى خلالها منظومة واسعة من الفساد، بحسب المعارضين، ما ساهم في جعله من أصحاب الثروات الكبرى. خصوصا أن مؤسسة «الإسكان العسكري» تعدّ من أهم المرافق الحكومية في البلاد وتخصص لها الميزانية المالية الأضخم بحكم مهامها في تمويل الجيش السوري وتنفيذ مشاريعه العمرانية. لم يمتلك هلال الأسد، وفق من كانوا يعرفونه، أي مقومات تجعله مديرا لمؤسسة حكومية هامة باستثناء انتمائه العائلي، وكونه نجل ابن عم الرئيس السوري. إذ أن تحصيله العلمي توقف عند مرحلة المتوسط الثانوي، إضافة إلى أن شخصيته تفتقر لمهارات مزاولة الإدارة، خصوصا أن لديه مشكلة في النطق وغالبا يعاني في التعبير عما يريد قوله. «كانت طباع هلال أقرب إلى الشبيح منها إلى المدير»، هكذا يقول موظف سابق عاصر مرحلة إدارته لمؤسسة الإسكان. مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أنه «كثيرا ما أهان الموظفين لديه بطريقة سوقية وطرد كل من يخالفه الرأي»، باختصار كان «الحاكم بأمره» في المؤسسة. فوظف بعد تسلمه منصبه أشخاصا محسوبين عليه، وسرّح من عداهم، أوقف كل المشاريع، و«حوّل ميزانياتها لحسابه في البنوك الأوروبية، حتى فقدنا القدرة على دفع الرواتب»، كما سرب أحد محاسبي الشركة الحكومية. قبل وصوله إلى منصبه، سخر هلال الأسد كل جهده في عمليات التهريب التي كانت تنشط في أواسط الثمانيات بين لبنان وسوريا، وتؤكد مصادر متابعة لمسيرته أن «نشاطه في التهريب تجاوز حدود البضائع العادية ليتطور نحو تهريب الآثار والسلاح والمخدرات». ومع انطلاق الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقع الاختيار على هلال لتجنيد شبان من الطائفة العلوية يجري استخدامهم لقمع المظاهرات المعارضة واعتقال المشاركين فيها. تفرغ الرجل لهذه المهمة مستقطبا شريحة واسعة من الشباب العاطلين عن العمل الذين يقطنون في الريف العلوي، حيث جرى تخصيص راتب شهري لا يتعدى 200 دولار لكل عنصر ينضم إلى المجموعات المسلحة التي أطلق عليها اسم «جيش الدفاع الوطني». تسلمه منصبه الجديد كقائد لهذا الجيش، امتلك هلال الأسد نفوذا أمنيا كبيرا أطلق يده في محافظة اللاذقية لممارسة جميع أنواع «التشبيح» ضد السكان المدنيين، كما يشكو معارضون من أهالي المنطقة. فراح عناصره المدججون بالسلاح يجوبون شوارع المدينة بسياراتهم الرباعية لزرع الرعب في نفوس سكانها وتنفيذ عمليات اعتقال ونهب. تحول جيش «الدفاع الوطني» بزعامة هلال الأسد إلى السلطة الأقوى في اللاذقية لا يخضع لأي قانون أو مرجعية أمنية، ما دفع عناصره إلى خطف عدد من أبناء الأثرياء في المدينة، لا سيما المسيحيين منهم، للحصول على فديات مالية. كما يتهمه المعارضون الذين يقولون: إنه أسس معتقلا في المدينة الرياضية يتبعه شخصيا يُحتجز فيه معارضو النظام ويخضعون لأنواع قاسية من التعذيب. مع تكريس هذا الواقع، بات مناصرو هلال يطلقون عليه لقب «رئيس الساحل» باعتباره الرجل الأكثر سطوة في المنطقة. وانعكست هذه السلطة المطلقة على نجل هلال الشاب، الذي لم يتجاوز عمره العشرين سنة. فتحول سليمان هلال الأسد إلى كابوس بالنسبة لأهالي اللاذقية يمارس ضدهم أعمال «التشبيح» بشكل يومي فلا يتورع عن إهانة الناس وضربهم وإذلالهم، بما فيهم العلويون، لدرجة أن الشكوى من تصرفاته وصلت إلى الرئيس بشار الأسد نفسه، الذي أصدر أمرا باعتقاله لعدة أيام لامتصاص غضب أبناء طائفته في الساحل، ليعود فيطلق سراح الشاب. منذ بدء الأزمة في سوريا لم تفقد عائلة الأسد أيا من أفرادها، الأمر الذي أثار استياء وغضبا في أوساط العلويين الذين يفقدون يوميا عددا كبيرا من أبنائهم المجندين في الجيش و«الدفاع الوطني»، حتى راجت بينهم مقولة «عائلة الأسد في القصور وأولادنا في القبور». وبمقتل هلال الأسد تصبح هذه المقولة أقل تأثيرا، ما دفع بعض الناشطين للقول إن «النظام نفسه قد ضحى بهلال، موحيا للعلويين أن عائلة الأسد أيضا مهددة وليس هم فقط». وفي كافة الأحوال، فإن مقتل قائد «الدفاع الوطني» في اللاذقية سيترك تداعيات سلبية على المدينة التي تملك حساسية طائفية بحكم انقسامها بين العلويين والسنة، أولى بوادر هذه التداعيات ما فعله أنصار هلال بعد شيوع خبر مقتل قائدهم، إذ اتجهوا نحو الأحياء السنية مطلقين النار عشوائيا على الأبنية السكنية.