لو سألت أي شخص في الشارع عن أهم صفة يجب أن يتحلى بها موظف الاستقبال في أي منشأة خدمية كبرت تلك المنشأة أم صغرت لأجابك ومن دون تردد بأنها اللباقة ، فهي وإن كانت من أوجب ما يجب على المرء التحلي بها في حياته العامة فإنها فيما يخص الأشخاص المناط بهم خدمة الناس أكثر وجوباً ، ولكي أضعك عزيزي القارئ في موقف أكثر تخيلاً لقيمة هذه الصفة سأطرح عليك السؤال السابق ولكن بطريقة أخرى ، كيف ستتعامل مع من يستقبلك بكل فظاظة كمكافأة لك لاختيارك لشركته أو مؤسسته من بين العشرات من مقدمي الخدمة للناس ؟ من المؤكد أنك ستدير ظهرك للمؤسسة التي يعمل بها طالباً خدماتها في مكان آخر وإن كانت أقل جودة . الأسبوع قبل الماضي قمت بزيارة خاطفة للعاصمة الرياض من أجل معرض الكتاب ، فقمت بتأمين مسكن لي في أحد الفنادق القريبة من المعرض عن طريق خدمة البوكينج في الإنترنت ، وحينما دخلت لذلك الفندق وأنا أحمل حقيبتي كنت أتوقع أن أرى ابتسامة الترحيب على سحنة الموظف القابع خلف (كاونتر الريسبشن) أمامي ! على الأقل .. ليس لأجل وجهي إنما تقديراً للفلوس التي أرسلتها لحساب الفندق قبل حتى أن أوضب حقيبة السفر ، وليت الأمر توقف عند عدم البشاشة والابتسام من قبل ذلك الموظف.. بل إنه حتى لم يلتفت نحوي حين ألقيت عليه التحية !! وظل في تشاغله عني إلى أن أخبرته عن أمر حجزي المسبق عن طريق الإنترنت ، فالتفت نحوي بوجه كئيب وقال:ما الذي أتى بك في الصباح ؟ نحن لا نسلم الغرف إلا بعد الظهر !! ثم عاد للتظاهر بأنه مشغول وأشاح بوجهه عني ، تمعنت فيه قليلاً ثم قلت له لماذا تعاملني هكذا ؟ قال هذا النظام ، قلت وهل النظام يجبرك بأن تكون فظاً بهذا الشكل ؟ اسمع .. أنا غير ملزم بنظامكم هذا لأنه لم يكن واضحاً في شروط الحجز على موقع (البوكينج) .. ثم قاطعني وكأنه يقول (لايكثر) ..وقال اجلس في الردهة ريثما أتمكن من حل المسألة ، وما إن جلست حتى استدعاني باسمي المجرد : عبدالرحمن .. تعال ، ذهبت قال : احمد ربك أننا وجدنا لك غرفة فاضية .. بسرعة هات بطاقتك .. بسرعة وقع هنا .. خذ هذا مفتاح غرفتك .. الدور الثاني غرفة 308 أخذت المفتاح وأنا أتعوذ بالله من ابليس .. ثم مضيت لغرفتي وأنا منزعج جداً ، فلأول مرة أرى طريقة استقبال كطريقة ذلك الموظف. أتدرون ما الذي أزعجني أكثر وأكثر ؟ أن ذلك الموظف واحد من الشباب السعودي الذين لطالما كتبت عن حقهم في التوظيف متهجماً على ما كنت أظنه تقصيراً من قبل الكثير من الشركات في هذا الجانب الوطني والاجتماعي ، لكن يبدو أنني لم أكن مدركاَ حقاً لما كانت معظم تلك الشركات تتردد ألف مرة كلما تقدم لها أحد الشباب طالباً العمل لديها ، خاصة ( وركزوا على ما بعد خاصة ) أن موظف الاستقبال (الوافد) الذي يعمل في مناوبة المساء كان يختلف اختلافاً كلياً عن ذلك الشاب السعودي دماثة وخلقاً وحسن ملفظ ومنظر. إلا أنه وبالرغم مما رأيته من ذلك الشاب لا زلت أؤكد على حق جميع الشباب في نيل وظائفهم في جميع الشركات.. غير أني أزيد على هذا المطلب مطلباً آخر.. وهو ضرورة تدريبهم أولاً على فنون اللباقة واكتساب ود الناس.