×
محافظة حائل

عهد أمريكي جديد بصبغة عنصرية

صورة الخبر

على «حزب الله» أن يطوع دويلته لمنطق الدولة القوية وإلا سيضع نفسه بوجه «الرئيس القوي» النائب اللبناني عقاب صقر بعد غياب قسري دام نحو 5 سنوات عن لبنان، اختار النائب اللبناني عقاب صقر لحظة مصيرية لعودته إلى عمله نائبًا منتخبًا في البرلمان اللبناني، واستكمال مسيرة النضال في «تيار المستقبل» إلى جانب الرئيس سعد الحريري. غياب صقر جسديًا عن لبنان لم يمنعه من متابعة الملفات اللبنانية والسورية، إلا أنّ المخاطرة للعودة في السنوات الماضية لم تكن نافعة في ظلّ الشلل المؤسساتي والفراغ الرئاسي، أمّا اليوم وبعدما استعاد لبنان نصابه الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية «بات لها فائدة على الرغم من المخاطر الأمنية التي لم تنتهِ حتى اليوم، فالمجلس النيابي عاد للعمل، والآن يمكنني أن أمارس دوري نائبا في البرلمان، كذلك في السياسة الإنجازات باتت ممكنة» بحسب ما أكّد في حديث مع «المجلة»، رافضًا الكلام عن أي صفقة أو تسوية لإعادته إلى لبنان. * هل ما يعيشه لبنان اليوم في ظلّ عودته إلى «الحضن العربي» وزخم العمل الحكومي واستعادة الثقة بالدولة هو انتصار لمحور «14 آذار»؟ بداية، من بدأ بالانتصار هو منطق الدولة، وقوى «14 آذار» وعلى رأسها «تيار المستقبل» كان هدفها إعادة الحياة للمؤسسات الدستورية. فبانتخاب الرئيس ميشال عون وعودة الرئيس سعد الحريري عادت الدولة إلى حيويتها، أمّا الآن فمعركتنا هي بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وهذه المعركة هي بوجه كل من يريد تعطيل الدولة. ومن يضع نفسه في مواجهة مشروع الدولة والمؤسسات سنكون له بالمرصاد. ثانيًا، وصول ميشال عون إلى سدّة الرئاسة على الرغم من علامات الاستفهام الكبيرة على انتخابه من قبل جمهور «14 آذار» و«تيار المستقبل»، لكنها أعادت فكرة «الرئيس القوي» التي تصطدم بفكرة «الدويلة» التي ستعمل للحدّ من صلاحيات الرئيس القوي، أي ميشال عون، الذي يريد دولة قوية تمامًا كما قوى «14 آذار» التي تحمل مشروعًا سياديًا بامتياز، وعلى «حزب الله» أن يطوع دويلته لمنطق الدولة القوية التي أرادها كما أعلن مرارًا وتكرارًا عندما أصرّ على ترشيح ميشال عون للرئاسة، وإلا سيضع نفسه بوجه «الرئيس القوي». * هناك استياء من جمهور «تيار المستقبل» على مبادرة انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة بسبب التنازلات التي قدّمها «تيار المستقبل» لـ«حزب الله»، فما رأيك؟ التنازلات التي قدّمها «تيار المستقبل» على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية وفي تشكيل الحكومة كانت لصالح الدولة القوية، وليس كما قال البعض إنّها لصالح «حزب الله»، أي أنّ «تيار المستقبل» تنازل من حصته السياسية لصالح حصة الدولة، وهذا أمر طبيعي طالما أنّ مشروعنا هو «الدولة» وحتى إن خسرنا جولة أو تراجعنا عن جولة فهذا تراجع تكتيكي من أجل نصر استراتيجي. أما عن الأسماء التي استفزت جمهور «14 آذار» في الحكومة، فكذلك هناك أسماء وزراء من فريق «14 آذار» مستفزة للفريق الآخر، كالوزراء معين المرعبي، ومروان حمادي، وجمال الجراح، فلو وضعنا «فيتو» على أي اسم من الأسماء التي استفزت جمهورنا، فيحق لهم في المقابل وضع «فيتو» على عدد من وزرائنا. ولكن أيضًا في المقابل حتى اللحظة لم يقم هؤلاء الوزراء الذين اعتبرهم جمهورنا غير مقبولين في التشكيلة الحكومية بأي فعل استفزازي، فالوزير سليم جريصاتي أعلن في أول تصريح له أنّه لا يمكن أن يكون ضدّ المحكمة الدولية. * الرئيس عون كانت وجهته المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية في العهد الرئاسي، فما أهمية هذه الزيارة بالنسبة للبنان؟ من أهم إنجازات زيارة الرئيس عون الذي بقي مرشح «حزب الله» لمدة سنتين ونصف، ومن ثمّ وصل إلى سدّة الرئاسة بتوافق وطني، هي استراتيجية، فعون لم يستطع تخطي المملكة العربية السعودية كمدخل رئيسي لزيارات لبنان للعالم العربي؛ لأنّه يعلم أنّ من يسعى للوصول إلى دولة قوية مدعومة باقتصاد قوي وسياحة واستثمار، عليه أن يدخل إلى السعودية التي تعتبر بوابة الخليج، وأيضًا من يعمل للوصول إلى جيش قوي يحتاج إلى هبة الثلاثة مليارات المجمدة من قبل السعودية الداعمة الدائمة للجيش اللبناني. إذَن، زيارة عون للسعودية هي رسالة لمتهوري الشعارات المسيئة للسعودية، مفادها أن من دون «الفيزا» السعودية لا يمكن عودة الحياة إلى الاقتصاد اللبناني، ولا يمكن عودة لبنان إلى الحضن العربي وإلى نشاطه العالمي، أي بمعنى آخر، هذه الزيارة تؤكّد أن فكرة العداء إلى السعودية هي فكرة خرقاء سياسيا، فالخط الذي كان يعمل في لبنان على هذه الفكرة اصطدم بجدار عزل أثبت أنّ هذا المنهج ليس لديه أي أفق نجاح في لبنان، فلا يمكن لأي رئيس لبناني أن يتخطى العلاقة الاستراتيجية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، كون هذه العلاقة هي شريان حياة للبنان، ومن يتجاوزها يعني أنّه يعزل لبنان عن محيطه العربي وعن جزء من العالم، ويعزل اللبنانيين عن بعضهم بعضًا، كون السعودية لها امتداد في لبنان مع كل الشرائح والطوائف اللبنانية. * ولكن هناك زيارات متكررة لوفود إيرانية إلى بيروت، وآخرها قبل زيارة عون للسعودية بيومين، من أجل التأكيد على دور «حزب الله» في المبادرة الرئاسية والدعم الإيراني للرئيس عون، فما الرسالة التي تريد طهران إيصالها للعهد الجديد؟ زيارات الوفود الإيرانية الاستلحاقية رسالة بأنّ لبنان لن ينسحب من منظومة الممانعة، ولكن في المقابل نحن نؤكد أن لبنان لن يخرج من المحور الإيراني؛ لأنه في الأصل لم يكن جزءًا من هذه المنظومة. ففي الواقع ماذا تقدّم لنا إيران على المستوى الاقتصادي أو السياحي أو الاستثماري؟ كذلك إيران ليست جواز السفر الصالح لفتح العلاقات مع العالم العربي والعالم، بل هي بطاقة حمراء تعيق انفتاحنا على العالم. أمّا السؤال الذي يطرح نفسه بعد زيارة الوفد الإيراني إلى بيروت ليقول إن «حزب الله» لن ينسحب من سوريا، هو موجّه إلى «حزب الله» تحديدًا، فهل أنت يا «حزب الله» فريق كشافة رديف تابع للحرس الثوري الإيراني؟ هل لديك هوية لبنانية وصفة لبنانية كي يأتي مسؤول إيراني يتحدث عنك ويقرر دخولك وخروجك من سوريا؟ إذن، ما يحدث هو دليل على أن كل ما زعمته إيران في تصريحاتها السابقة أنّها لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية هو كلام مغاير للواقع، والكلام الذي صرّح به الوفد الإيراني مؤخرًا هو كلام يسيء بالدرجة الأولى إلى «حزب الله» الذي انهزم أخلاقيًا واستراتيجيًا عندما قرر الاعتداء على الشعب السوري، وكشف الدور الحقيقي له كذراع من أذرع الحرس الثوري، وحوّل الحزب وأمينه العام من زعيم عربي كما كان يقدم نفسه إلى ملحق بالقرار العسكري الإيراني. فـ«حزب الله» الذي نفّذ أوامر إيران ودخل الحرب الدموية في سوريا وخرق السيادة اللبنانية والسورية، واعتدى على شعب أعزل، وفتح «حرب المائة عام» بين الطائفة الشيعية والشعب السوري، عليه أن يعود اليوم قبل الغد من هذه الحرب؛ لأنّ كل ساعة تأخير لها كلفتها الباهظة في العلاقة بين الشعبين اللبناني والسوري وبين الشيعة والسنة، على امتداد الوطن العربي. * ذكرت بعض الوسائل الإعلامية أن وجهة الرئيس عون بعد جولته العربية ستكون لسوريا، فهل يتقبل فريق «14 آذار» و«تيار المستقبل» تحديدًا زيارة عون لسوريا؟ نحن اليوم أمام مرحلة جديدة، فهناك مبادرات عربية وقطرية لإعادة لم الشمل لكل القوة السياسية ولإحياء اقتصاد لبنان، فلا أعتقد أنّ الرئيس عون سيخطو هذه الخطوة ويضرب الإنجازات التي قام بها منذ بداية عهده، إن على صعيد التوافق اللبناني الداخلي أو على صعيد الانفتاح على العالم العربي. فالذهاب إلى سوريا وإلى بشار الأسد المرفوض من شعبه ومن العالم العربي الذي يرى فيه رئيس نظام قمعي يمارس عبر عصاباته وشبيحته الإجرام على شعبه، سيخلق مجددًا شرخًا بين اللبنانيين، وبين القوى السيادية في لبنان وبين «حزب القوات» والرئيس عون، لذلك مغامرة الذهاب إلى سوريا هي مقامرة خاسرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. * قبل أشهر معدودة من موعد الانتخابات النيابية، هل ستنجز القوى السياسية قانون انتخاب جديدًا، أم سيبقى قانون الستين الذي أعلنت كل القوى السياسية رفضه؟ وهل نحن أمام تمديد ثالث للمجلس النيابي؟ لن أضرب بالرمل كما يفعل كثيرون، ولكن على جميع القوى السياسية والنواب أن يعملوا من أجل الاتفاق على قانون انتخابي جديد، عبر طروحات وحلول، والكفّ عن اللطم والتنبؤات، فنحن «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، قدمنا قانونا مختلطا موجودا في مجلس النواب، يعني أننا لا نريد قانون الستين، والأطراف الأخرى تقول إنها لا تريد قانون الستين، أي أن هناك إمكانية للوصول إلى قانون يعتبر حلاً وسطًا بين النسبي والأكثري، يراعي هواجس جميع الأطراف، ومن يرفض هذا الطرح ويذهب إلى المستحيلات، كالنسبية الكاملة، يعني أنّه هو من يعطل ويعيدنا إلى الستين. فالقانون المختلط هو الحلّ المقبول في لبنان، أمّا القانون النسبي فهو قانون رائع ولكن لا يمكن أن نطبقه في ظلّ وجود حزب مسلح يمنع أي معارض من الاقتراب إلى مناطقه. أنا عانيت في تجربتي عندما كنت مرشحًا في انتخابات 2009 في زحلة، وأردت أن أصوّت في ضيعتي الهرمل، فاتصلت حينها باللواء الشهيد وسام الحسن لكي يؤمن لي الحماية، فقال لي إنّه لا يستطيع، ولكن سيحاول مع الجيش اللبناني، وكان الجواب أنّه لا توجد آليات كافية لمواكبتي من أجل ممارسة حقي في الاقتراع في بلدتي، فكيف لنا أن نقبل قانونًا نسبيًا في ظل هذا الوضع القائم؟ نحن اليوم أمام فرصة إقرار قانون انتخاب جديد، و«تيار المستقبل» مستعد للنزول غدًا إلى المجلس النيابي والتصويت على قانون مختلط، أمّا الكلام عن التمديد، إن حصل، فسيكون تقنيًا بحتًا، من أجل استيعاب القانون الجديد الذي من المفترض أن يُقرّ. * هل «تيار المستقبل» جاهز لخوض الانتخابات النيابية المقبلة؟ بالتأكيد، فمن يقارن الانتخابات البلدية بالانتخابات النيابية هو مخطئ. اللبنانيون يعلمون جيدًا أن في لبنان خطًا سياديًا وطنيًا متمثلاً بـ«14 آذار»، والجسر الأساسي في هذا الخط هو «تيار المستقبل»، وأي انهيار لـ«تيار المستقبل» يعني انهيار «14 آذار»، يعني تسليم البلد لـ«حزب الله». واللبنانيون بوعيهم السياسي لا يمكن أن يسلموا «حزب الله» قرار البلد. التصويت لـ«تيار المستقبل» هو حماية لآخر عمود من أعمدة السيادة في لبنان. ولكن شراكتنا معهم هي شراكة الضرورة، في الحكومة الجديدة التي تحمل البيان الوزاري نفسه، لحكومة «ربط نزاع» مع «حزب الله» الذي لا يزال قائمًا. فمواقفنا من سوريا وسلاح الحزب والمحكمة الدولية، هي ثوابت لن تتغير، لا نزال نختلف مع «حزب الله» بثوابتنا عبر ممارساته التي تتجاوز الدولة والأعراف في سوريا ولبنان، إن في الاعتداء على الشعب السوري، أو عبر «سرايا المقاومة»، أي تسليح الناس وتحويلهم إلى عصابات من أجل الاعتداء على الناس، ولا يمكن أن تستقيم الدولة القوية والرئيس القوي إلا بعد وقف هذه الآفة السرطانية. * حملت الحكومة الجديدة عنوان «استعادة الثقة»، ولكن إقرار مراسيم النفط وصفها اللبنانيون بأنها «تقسيم الجبنة بين السياسيين»، ما يعني أنّ ثقة اللبنانيين بالحكومة الجديدة لا تزال غائبة. لا شكّ أنّ استعادة ثقة الناس صعبة، ولكن إقرار مراسيم النفط هو إنجاز، وهذه الخطوة تأخر عليها لبنان سنوات، والكلام عن وجود صفقة هو كلام غير مدعم بالأدلة. الحديث عن صفقات لا يزال مبكرًا، فنحن أمامنا 10 سنوات لكي نستخرج النفط، لذلك علينا انتظار التطبيق في الفترة المقبلة، ولكن جميعنا معنيون بأن نلاحق ونمنع أي تعدٍ على ثروتنا الوطنية، بالرقابة من قبل الناس والصحافة.