مسؤولون حزبيون وأكاديميون يرون أن تراجع أحزاب الثورة له أسباب عديدة منها قلة الخبرة، وعدم تواصل الأحزاب مع الشارع، وانحسار الموجة الثورية. العرب [نُشرفي2017/01/25، العدد: 10523، ص(7)] الأحزاب لا تكترث لنداء الشعب القاهرة - لم تنجح في الوصول إلى مقاعد البرلمان المصري وهو المسار السياسي المتوج للعمل الحزبي بمصر، إلا 5 أحزاب من أصل 24 تأسست من رحم ثورة يناير 2011، التي تحل ذكراها السادسة الأربعاء، وهو تراجع أعاده خبراء لأسباب بينها الخلافات الداخلية، وقلة الخبرة وعدم التواصل المباشر مع الشارع. والأحزاب الخمسة هي المصريون الأحرار (ليبرالي)، والمصري الديمقراطي (يسار وسط)، وحراس الثورة (قومي)، والإصلاح والتنمية (ليبرالي)، والنور (سلفي)، وحظيت بتمثيل في البرلمان الذي انعقدت أولى جلساته في يناير 2015، ووُصفت من مراقبين بأن أغلبها يضم الكثيرين من أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أسقطته ثورة يناير. غير أن أحزاب يناير لا تتجاوز نسبة تمثيلها 35.5 بالمئة من إجمالي المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب والمقدرة بـ239 بنحو 43 بالمئة من أصل المقاعد الإجمالية الموزعة على 19 حزبا، فيما حصل المستقلون على 316 مقعدًا بنحو 57 بالمئة من إجمالي مقاعد البرلمان الحالي البالغة 596. وشارك في برلمان 2012 24 حزبا محسوبا على الثورة، في مقدمتها الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) والكرامة (اليساري)، وأحزاب الكتلة المصرية (تحالف ليبرالي)، فحصدت 78 بالمئة من مقاعد البرلمان البالغة حينذاك 498 مقعدا، وفق رصد مراسل الأناضول. وقالت دراسة صادرة عن لجنة شؤون الأحزاب المصرية (قضائية) في 28 سبتمبر عام 2011، تحت عنوان “خريطة الأحزاب السياسية الحالية” إن عدد الأحزاب الرسمية 47، منها 23 تم تأسيسها قبل الثورة و24 بعدها. وتأسست 9 أحزاب مصرية في أعوام 2013، و2014 و2015، بينها حزب مستقبل وطن والحركة الوطنية الذي أسسه أحمد شفيق مرشح الرئاسة السابق المقيم خارج البلاد حاليا، إلا أن الأحزاب المصرية عانت من تصدعات وانشقاقات حادة، إذ لم تتوقف الخلافات عند دعاوى الحل فقد تعرض حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، في أبريل 2011، وحصل على 65 مقعدا كأعلى تمثيل حزبي بالبرلمان الحالي، لموجة انقسام هو الآخر في ديسمبر الماضي. واتهم الحزب بالاعتماد على مرشحين محسوبين على نظام ما قبل الثورة، وعلى رأسهم رئيس كتلته البرلمانية علاء عابد، ضابط الشرطة السابق، الذي اتهم في جرائم تعذيب قبل الثورة، إلا أنه ينفي التهم. ورغم التقدم الذي حققه الحزب واكبته خلافات تنظيمية بين ساويرس، الذي شغل موقع رئيس مجلس أمناء الحزب (أعلى هيئة تنظيمية) ورئيس الحزب عصام خليل الذي حسم الأمر لصالحه، وخرج ساويرس مؤخرا من القيادة عقب إجراءات تنظيمية داخلية أطاحت بمجلس الأمناء. كذلك تعرض حزب المصري الاجتماعي الديمقراطي الذي تشكل بتحالف من قوى يسارية وليبرالية، بعد ثورة 2011، لسلسلة أزمات انتهت باستقالة مؤسسه، محمد أبوالغار، بعدما اعترف بعجزه عن رأب الصدع وتفكيك الشللية بين الأعضاء بحسب خطاب استقالته في سبتمبر الماضي. وبالمثل، تعرضت أحزاب العدل (ليبرالي) ومصر الحرية (ليبرالي)، والدستور (يسار وسط)، لأزمات داخلية مماثلة أبرزها ما تعرض له الأخير الذي أسسه محمد البرادعي نائب الرئيس المصري السابق، بشغور منصب الرئيس عقب استقالة خليفة البرادعي، هالة شكر الله، ثم القائم بأعمالها تامر جمعة، لـ”فشله في إجراء الانتخابات الداخلية للحزب”. وأرجع مسؤولون حزبيون وأكاديميون في تصريحات إعلامية، تراجع أحزاب الثورة إلى أسباب عديدة منها “قلة الخبرة، وعدم تواصل الأحزاب مع الشارع، وانحسار الموجة الثورية”. وفسر السبب الثاني في التراجع بانشغال غالبية الأحزاب بصراعات فوقية، أو انقسامها لجبهات داخلية بحسب قول محمد المهندس القيادي بحزب مصر القوية. ووصف محمد يوسف متحدث حزب الدستور الانشقاقات الداخلية بأنها “مصيبة كبرى ابتليت بها الأحزاب جعلتها منقسمة جميعها لجبهات تصارعت فيما بينها”. وأرجع يوسف ذلك إلى أن “كل الأحزاب تقريبا كانت تعمل بدون خط واضح، فضلا عن أن الموارد المالية للأحزاب لم تتم إدارتها بشكل جيد”. ولفت الأكاديمي مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة (كبرى الجامعات الحكومية) إلى أن فشل الأحزاب المحسوبة على الثورة يعود إلى اعتماد القائمين عليها على شبكات التواصل الاجتماعي في الحشد لأحزابهم، كما حدث في الثورة نفسها. وأوضح أن “الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها تجاهلت مطالب المواطنين، ورفعت شعارات لا تهم رجل الشارع بشكل أساسي لذا عزف الناس عنها”. واتفق معه حسين عبدالرازق، نائب رئيس حزب التجمع (يسار)، وهو أحد أقدم الأحزاب بمصر، قائلا “لم تستطع الأحزاب بعد الثورة النزول لأماكن العمل، والجامعات أو أي تجمع بشري للتواصل مع الناس، وأصبح الاتصال بينها وبين المواطنين قاصرا على الاتصال الفردي، وهذا ليس موجودا في عمل حزبي بأي دولة في العالم”. ورأى محمد موسى، القيادي بحزب العدل أن سبب تراجع حزبه يعود إلى الصراعات السياسية التي دخلتها الأحزاب مبكرا، والتي تسببت في إخفاق الجميع فخاض حزبه الانتخابات البرلمانية في 2012 عقب 4 أشهر فقط من تأسيسه، ولم يحصل إلا على كرسي وحيد بالبرلمان، إلا أنه حصل على مجموع 450 ألف صوت على القوائم. في المقابل اعتبر زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي (يسار) أن الأحزاب السياسية بمصر “تراجعت مع انحسار الموجة الثورية إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي أبعدت الناس عن السياسة”. وأشار إلى أن أسباب التراجع “هي نفسها أسباب إخفاق الثورة عموما، كغياب التنظيم، وعدم الالتصاق بالجماهير، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية”. :: اقرأ أيضاً الأخطاء العسكرية تؤخر رهان الحسم السريع لمعركة الموصل الاجتهاد والتجديد.. رؤية إصلاحية لمواجهة داعش وترهيب إيران في ذكرى 25 يناير.. النتائج السياسة تحبط تفاعلات المجتمع ليلة الحناء.. حلبة صراع الأجيال في تركيا