دخل حيِّز التنفيذ أمس التعديل العام إلى اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الملكية الفكرية، الذي يؤمِّن للبلدان النامية سبيلا قانونية نحو الوصول إلى الأدوية بأسعار معقولة في إطار قواعد المنظمة. وجاء نفاذ الاتفاقية أمس بعد مضي أكثر من 11 عاماً على الموافقة على نص التعديل في كانون الأول (ديسمبر) 2005.في الوقت ذاته، دخل تعديل اتفاق الأوجه التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية "تربس" سجل حوليات منظمة التجارة، إذ إنها المرة الأولى التي تقوم فيها المنظمة، منذ فتح أبوابها في الأول من كانون الثاني (يناير) عام 1995، بتعديل اتفاقية من اتفاقياتها المتعددة.وتلقت أمانة منظمة التجارة في الأيام الأخيرة إخطارات من خمسة أعضاء تؤكد مصادقتها على الملحق "البروتوكول" المُعدِّل لاتفاق "تربس". وجاءت الإخطارات من بوركينا فاسو، ونيجيريا، وليختنشتاين، والإمارات، وفيتنام، ليرتفع بذلك العدد إلى ثلثي عدد أعضاء منظمة التجارة التي صادقت على التعديل، حيث إن عتبة الثلثين مُلزِمة لجعل تعديل اتفاق "تربس" رسميا. وكانت السعودية قد سلمت صك مصادقتها في أيار (مايو) 2012.واتخذ الأعضاء قرار تعديل اتفاق "تربس" على وجه التحديد لتكييف قواعد النظام التجاري العالمي مع احتياجات الصحة العامة للناس في البلدان الفقيرة. يأتي هذا الإجراء الفريد عقب نداءات متكررة من الدول النامية والأقل نموا لقبول التعديل، وبرز آخر النداءات من اجتماع على مستوى عال للجمعية العامة الأمم للمتحدة حول "إنهاء الإيدز" في حزيران (يونيو) عام 2016.من جهته، قال، روبرتو أزيفيدو، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية "إن هذا التعديل مهم جداً"، حيث إنه يوفر اليقين القانوني لإمكانية تصدير الأدوية المُستنسخة "تُسمى أيضاً بالأدوية المكافِئة" بأسعار معقولة لتلبية احتياجات البلدان التي لا تتمتع بقدرة على إنتاج الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، أو ذي قدرة محدودة في إنتاجها.والدواء المكافئ، هو دواء يُكافئ مُنتجا دوائيا ذا علامة تجارية من حيث الشكل الدوائي، ومفعوله، ونوعيته، وخصائص الأداء، واستخدامه، وغالباً ما يتم تسويقه باسمه الكيميائي أو بتركيبته الكيميائية بدلاً من الاسم التجاري المُعلن الذي يُباع الدواء على أساسه. ولا ترتبط هذه الأدوية بشركة معينة لها الحق في امتلاك علامة تجارية أو حقوق للملكية الفكرية، لأن أصل الدواء نفسه مُستنسخ.وأوضح، أزفيدو، أن التعديل يُساعد على وصول الفئات الأكثر ضعفاً إلى الأدوية التي تفي باحتياجاتهم، وتساعد على التعامل مع أمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية "إيدز"، والسل، أو الملاريا، فضلا عن غيرها من الأوبئة.وكانت الدول الأعضاء في المنظمة قد تبنت بالإجماع في عام 2005، مُلحق تعديل الاتفاقية الذي جعل من تسهيل وصول أعضاء المنظمة الأكثر فقراً للأدوية المنتجة في بلدان أخرى بأسعار معقولة، ودائماً وليس مؤقتاً يحتاج إلى موافقة المنظمة كل سنتين. ويُمكِّن التعديل البلدان النامية وأقل البلدان نمواً التي تواجه مشكلات في الصحة العامة، وتفتقر إلى القدرة على إنتاج الأدوية المُستنسَخة عموما الحصول على هذه الأدوية من المنتجين في البلدان الثالثة في إطار ترتيبات "الترخيص الإجباري". وعادة، فإن معظم الأدوية المنتجة في إطار "التراخيص الإجبارية" يُمكن طرحها فقط داخل السوق المحلية في البلد الذي يتم فيه إنتاجها دون الحق في تصديرها. لكن هذا التعديل يسمح للدول المُصدِّرة للدواء الأصلي "غالباً ما تكون الدول الصناعية الغربية المُنتِجة للأدوية الأصلية التي تتمتع بعلامات تجارية" بمنح "تراخيص إجبارية" حصراً للدول المُنتِجة للأدوية المُستَنسَخة لتصنيع وتصدير هذه الأدوية إلى البلدان التي تفتقر إلى القدرة اللازمة لإنتاجها.ومن الأمور التي يُيسرها "الترخيص الإجباري" في اتفاق "تربس"، أنه يُمكِّن الحكومات من إصدار تراخيص إجبارية تسمح للشركات في دول ثالثة باستخدام براءة اختراع دون موافقة صاحب البراءة، لكن فقط تحت شروط معينة تهدف إلى ضمان المصالح المشروعة لصاحب البراءة.ويوفر التعديل أسساً قانونية آمنة ومستمرة لكل من المصدرين المحتملين والمستوردين على اعتماد تشريعات وتأسيس الوسائل اللازمة للسماح للبلدان التي تتمتع بقدرة إنتاج محدودة أو غير محدودة لاستيراد الأدوية المُكافِئة بأسعار معقولة من البلدان المُنتجة لها. ويُلزم التعديل الدول الأعضاء باتخاذ خطوات لتبني التعديل في قوانينها.وارتفع معدل قبول تعديل الاتفاقية إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، إذ أودع نحو 37 في المائة صكوك قبولها في السنتين الأخيرتين وحدهما، عقب استعراض المجلس العام لمنظمة التجارة فوائد دخول التعديل حيز النفاذ. Image: category: عالمية Author: ماجد الجميل من جنيف publication date: الاربعاء, يناير 25, 2017 - 03:00