لا يمكن العودة إلى عام 1740 لسؤال الكاتبة الفرنسية غبريال - سوزان باربو دي فيلنييف عما إذا توقعت لروايتها الخيالية «الجميلة والوحش» أن تعيش إلى اليوم وتنجب مسرحيات وأفلاما وحلقات تلفزيون وألعاب فيديو، لكن من المقبول الوثوق بأن أقصى ما طمحت إليه تلك الروائية هو تحقيق نجاح في الوسطين الأدبي والمسرحي، وهذا ما حدث بالفعل. لكن أصول هذه الرواية سبقت، حسب بعض المؤرخين، الروائية دي فيلنييف بنحو 4000 سنة فقط. وما قامت به هو تداولها، كما حدث مع رواية «فاوست» التي وضعها الألماني جوهان وولفغانغ فون غوتي سنة 1790 أو نحوها، لكنها مشادة على أسطورة غنائية شعبية تعود إلى أكثر من ثلاثين سنة قبل ذلك التاريخ ومصدرها مجهول. اليوم الكثير من الجميلات والكثير من الوحوش يمرون في حياتنا في الواقع وعلى الشاشة. وبعض الجميلات هن الوحوش كما حال تشارليز ثيرون في «سنو وايت والصياد» قبل أربع سنوات. لكن في العموم هناك الشر والخير يتواجهان والخير هو الذي سينتصر. في فيلم «كينغ كونغ» سنة 1933 تحوّلت الفكرة إلى صرح لمادة موحية ومثيرة في ذلك الحين ولعقود طويلة من بعد: هناك فريق تصوير يصل إلى جزيرة يلفها الضباب وليست موجودة على الخريطة. يهبط الجميع وبينهم تلك الأميركية الشقراء الجميلة فاي راي. لم يدر في خلد أحد أن الجزيرة مأهولة بحيوانات ما قبل التاريخ، وأقواها هو غوريللا ضخمة اسمه كينغ كونغ الذي له سوابق من القتل والتدمير، لكن ما إن تقع عيناه على المرأة الجميلة حتى يقع في حبها وعندما يحملها بين يديه تكاد أصابعه تذوب رقة وعطفًا. يدافع عنها ضد ديناصورات وأفاع ضخمة، لكنه وبسبب حبه يسقط في شباك الأسر ويتم نقله إلى نيويورك، حيث يحوّلونه إلى مهرج. هذا بالطبع قبل أن يفلت من عقاله ويسترجع محبوبته ويحملها إلى مبنى «إمباير ستايت» في نيويورك لتدور معركة بقاء بينه وبين الحداثة العصرية المتمثلة بالطائرات الحربية التي تغير عليه. في تلك اللحظة الحاسمة وقبل مصرعه بقليل يؤمّـن حياة محبوبته بوضعها جانبا حتى لا تصاب بالأذى. نعم من الحب ما قتل، وهذا الحب والقتل وقعا في أفلام كثيرة من بعد ذلك. مع «الرجل الذئب» الذي ينقلب وحشًا عندما يتحوّل القمر إلى بدر ومع مخلوق العالم فرانكنستاين الذي يلوم صانعه الذي جمعه من أطراف آدمية أخرى على أنه لم يصنع له شريكة حياة. ورأيناه كذلك في «شبح الأوبرا» من بين أخرى. حين كنا صغارًا لم نكن نفهم كل خفايا العاطفة، وكل همّـنا كان أن يصيبنا الفيلم بالخوف من الوحش والقلق على الجميلة المهددة. وهذا ما احتواه فيلم «مخلوق البحيرة السوداء» سنة 1954 عندما قدّم مخلوقًا هو مزيج من سمكة كبيرة وإنسان متوحش يعيش في الأمازون ويكتشف وجود الحسناء جولي أدامز في عداد فريق من العلماء. من تلك اللحظة هي كل ما يريده وسوف يقتل للفوز بها. الرد العربي (بدوره يعود إلى مئات السنين) فصل بين الجميلة والوحش في «ليلى والذئب». هي بقيت ليلى وهو بقي الذئب.