الأم أنتِ وما سواكِ بناتُ حكمتْ بذاك أدلةٌ وقضاةُ بعض الحقائق في العلوم جَلِيَّةٌ نفيُ الجهول لكُنْهها إثباتُ أمَّ اللغات، كرمتِ أمًّا بَرَّةً ولقد تبرُّ بناتِها الأمّاتُ من فيضك انداحت على الأرض اللُّغى كالبحر منه تصدر القنواتُ أنت الفرات تدفُّقًا وترقرقًا ولقد يكون من اللغات رفاتُ تتجدّدين على الزمان، وطالما بَلِيَتْ لغاتٌ وانطوتْ لهجاتُ كم عاقرٍ منها، وأنتِ على المدى تلدينَ! إنك - لو كبرتِ - فتاةُ! تتناسل الكلمات فيك، عظمتِ يا لغةً بها تتناسل الكلماتُ! ضاقت بنسلك - لا عقمتِ - معاجمٌ عفوًا بل اكتنزتْ بها الصفحاتُ رغم اسوداد الحبر في صفحاتها من فيض حسنك هنَّ خضراواتُ لو أن للألفاظ ريحًا لانتشتْ من طيبكِ الأفواه والأصواتُ ولأنت في نَحْو اللغات وصَرْفِها عَلَمٌ وغيرك فيهما نكراتُ شتى فنونُكِ، غيرَ أنك مَجْمَعٌ فيه تلاشت فرقةٌ وشتاتُ فالمسلمون على اختلاف لغاتهم وحَّدتِهم مع أنهم أشتاتُ هذا خِوانك منه يقتات الورى أما خِوان سواك فيه فُتاتُ لو تقطر اللَّهَواتُ عند حديثنا لتقاطرتْ شهدًا بكِ اللَّهَواتُ لغةَ الحياة، ولا حياةَ لأمةٍ إلا بذِكْر الله فهْوَ حياةُ يستمطرونكِ عيشَهم إن أجدبوا بالذِّكْر أنت الغيثُ والإنباتُ لغة السناء، عرجت مذ نزل الهدى بعض النزول إلى العلا درجاتُ هيهات تدركُكِ اللغاتُ ولم تُحِطْ بسَناء قَدْرك في المدى هيهاتُ يا عسجدًا نزل الكتاب به، وما ضمته تحت رَغامها الفلواتُ ما استخرجته من التراب معاولٌ لكن جَلَتْ لمعانَهُ الآياتُ قد يُصقَلُ الإبريز .. أما أنت ِ كم صُقِلت بك الأرواح والخلجاتُ خالفتِ أعرافَ الحياة وها هنا يعرو سواك العجزُ والإعناتُ قصرت لغات الأرض في الإعجاز عن لغة السماء؛ فللسمو سماتُ العجزُ والإعجازُ في فَلَكَيْهما تهوي وترقى ألسنٌ ولغاتُ بين اللغات تفاوتٌ وتباينٌ كالناس منهم سوقةٌ وسَراةُ في حضرة اللغة الشريفة أطرقتْ كل اللغات وحَفَّها الإخباتُ كم غَضَّ منها الحاقدون، ولم تزلْ هي غَضَّةً، أما أولئك ماتوا ماتوا وظلَّتْ في الحياة كريمةً هل يستوي الأحياء والأمواتُ؟ - شعر/ فهد بن علي العبودي