الوافدون لن يقفوا مكتوفي الأيدي، لمواجهة الزيادات المرتقبة في أسعار الخدمات التي يحصلون عليها في الكويت، وجميع الخيارات باتت متاحة أمامهم على بساط البحث لمواجهة الأعباء المعيشية وتلبية المتطلبات الأساسية لهم ولعائلاتهم. أخطر الأفكار التي بدأت تجول في عقول الوافدين هذه الأيام، تكمن في تسفير العائلات والانتقال إلى السكن الجماعي، وتحويل المدخرات إلى بلدانهم، ولعل من يقصد الجمعيات التعاونية والمطاعم وغيرها من المرافق في المناطق كافة، باتت تجذبه الإعلانات عن مشاركة السكن لقاء أسعار تبدأ من 30 دينارا فقط لا غير. لم تحل التصريحات النارية للقيّمين على إدارة العديد من الجهات في الدولة، خصوصاً من قبل النواب، ومهاجمتهم للوافدين في الكويت، برداً وسلاماً على الأخيرين، ولا على القطاع العقاري في الكويت، ففضلاً عن التراجع الكبير في التداولات والذي وصل إلى 26 في المئة مع نهاية العام 2016، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة إخلاء الشقق، وانتقال بعض الوافدين للسكن الجماعي. فهؤلاء الوافدين أخذوا التصريحات الأخيرة حول العديد من القرارات المزمع اتخاذها قريباً بجدية كبيرة، وباتوا يدرسون الخيارات المتاحة أمامهم، وأبرزها الاتجاه إلى تسفير عائلاتهم، والانتقال إلى مشاركة السكن مع آخرين، ما سيؤدي بشكل مباشر إلى تحويل جزء كبير من مدخراتهم إلى بلدانهم، وخسارة الكويت للعديد من الإيرادات والعوائد في القطاعات كافة. فمن وجهة نظر الوافدين، فإن عائلاتهم أحق بأي مبلغ قد يضطر غلى دفعه نظير الإبقاء عليها في الكويت، ويرون أن الانتقال إلى السكن الجماعي سيوفر عليهم الكثير من الأموال من جهة، وسيجعله أكثر قدرة على تلبية المتطلبات المعيشية التي تزيد يوماً بعد يوم. ولعل المتابع لشؤون وشجون وسائل التواصل الاجتماعي، أو القاصد للجمعيات التعاونية والمطاعم المنتشرة في مختلف أنحاء الكويت، قد لاحظ في الأيام الأخيرة انتشار إعلانات تطلب بمشاركة السكن، مقابل أسعار متفاوتة للسرير الواحد، ما سيجعل الكويت بحسب العديد من الخبراء العقاريين، دولة للعزاب مع كل ما يعنيه هذا المصطلح من مشاكل اجتماعية، وخلل في الحياة الاجتماعية. الإعلانات المذكورة التي تنتشر خصوصاً في منطقتي حولي والسالمية، لا تخلو هي الأخرى من بعض الشروط الصارمة، التي يطالب بها صاحبها، كمعرفة الوظيفة التي يعمل بها طالب السكن، وفرض شرط عدم التدخين، أو عدم السهر لفترة متأخرة في الخارج، إضافة إلى دفع بدل الإيجار قبل حلول نهاية كل شهر بأسبوع أو 10 أيام. هذه الإجراءات التي بدأت تتزايد بكثرة في السوق المحلي من قبل الوافدين، جاءت كرد فعل من قبل الوافدين الذين يتجاوز عددم 2.6 مليون وافد بحسب الأرقام الرسمية، بعد التصريحات النارية التي خرجت أخيراً من قبل المسؤولين في الدولة، خصوصاً من قبل أعضاء مجلس الأمة، الذين يبحثون عن حلول لمشكلة التركيبة السكانية في الدولة، على حساب الوافدين بشكل خاص، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار، الإيجابيات التي يتركها هؤلاء على معظم القطاعات الاقتصادية في الكويت. إذ لم يمض على التصريحات النيابية المتلاحقة، والداعية إلى فرض رسوم وضرائب جديدة على الوافدين أيام معدودة، إلا وكان لبعض الوافدين ممن ضاقت عليهم أعباء الحياة في الكويت، والخوف من تطبيق هذه التصريحات إلى قرارات نافذة قد توصلهم إلى طريق الديون، سوى الاتجاه إلى تفكير جدي بتسفير عائلاتهم مبكراً والسعي للمشاركة في «سكن جماعي». الخبراء العقاريون لم يستطيعوا الوقوف موقف المتفرج في ظل الوضع الحالي، إذ سبق لهم وحذروا في أكثر من مناسبة من تحويل سكن العائلات في الكويت، إلى سكن جماعي للعزاب، للعديد من العوامل بسبب ارتفاع بعض الإيجارات في أغلب المناطق. وبحسب هؤلاء الخبراء، جاءت التصريحات من مسؤولي الدولة، لتزيد الطين بلة، ولسان حالهم «هل يحتاج السوق العقاري إلى مزيد من المشاكل؟ وهل يحتاج إلى شغور عدد أكبر من العقارات في مختلف المناطق؟ وهل نستطيع تحمل المزيد من الركود في الفترة المقبلة؟ حتى تخرج مثل هذه التصريحات المهاجمة للوافدين من قبل مسؤولي الدولة؟ وقد رأى اتحاد العقاريين أنه يجب بعد انتشار ظاهرة وانتشار «السكن الجماعي» بدلاً من سكن العائلات، أن يتم درس حل التركيبة السكانية في الكويت بعناية، من دون المساس بأرزاق الوافدين، وأنه يجب الحفاظ على مدخراتهم واستثمارها في الداخل، قبل ان يتحول جزء كبير منها إلى الخارج، خصوصاً بعد تفكير الكثير من الوافدين بالانتقال إلى سكن عزاب جماعي. وقال أمين عام اتحاد العقاريين أحمد الدويهيس في تصريح خاص لـ «الراي»، إن «العقاريين» طالب في أكثر من مناسبة بضرورة توخي الحذر من القرارات العشوائية تجاه الوافدين، والتي يجب أن تدرس بعناية قبل الخوض فيها، مشيرا إلى أن أغلب الوافدين متخوفين من هذه التصريحات قبل تحويلها إلى قرارات نافذة، ما أدى إلى انتشار ظاهرة سكن العزاب الجماعي في مناطق مختلفة داخل الكويت. وتابع أن تبعات هذه التصريحات أدت إلى اتجاه مسار جديد وخطط لبعض الوافدين، لتحويل أموالهم إلى بلدانهم بشكل أكبر مما كانت، عبر تسفير عائلاتهم، والاتجاه نحو السكن جماعي على سبيل المثال، للتمكن من توفير أكبر قدر ممكن من الأموال وتحويلها إلى عائلاتهم. وأشار الدويهيس إلى أن المساس بميزانية أي وافد سيدفع به إلى البحث عن حلول لمواجهة الأعباء المعيشية، وقد تؤدي به إلى تفكير جدي سينعكس سلباً بلا شك على الحياة الاقتصادية في الكويت، مؤكداً ضرورة الاهتمام بحل التركيبة السكانية بعد دراسة عميقة، للحؤول دون تحويل الكويت إلى دولة للعزاب. وشدد الدويهيس على أن الاتحاد يرى خطورة كبيرة في طريقة التعامل مع ملف الوافدين في الكويت، وفرض الرسوم عليهم، مبيناً أن معالجة هذا الملف كما يحصل الآن ستؤدي إلى هجرة أموال المقيمين إلى بلدانهم بشكل كبير، وسيؤدي بالتالي إلى خسارة الكويت واقتصادها الكثير من العائدات في القطاعات كافة. من جانبه، قال رئيس اتحاد وسطاء العقار عبد الرحمن الحبيب، إن هناك تخوف كبير لدى غالبية الوافدين في الكويت، الذين يقومون حالياً بتسفير أولادهم والعيش كعزاب في الكويت، استباقاً منهم لبعض القرارات التي قد يتم اتخاذها في المستقبل، كزيادة الضرائب والرسوم عليهم. وأشار الحبيب إلى انتشار كبير لظاهرة انتشار السكن الجماعي للعزاب بدلا من سكن العائلات لوافدين في الكويت، مشدداً على ضرورة الوضوح في طرح أي موضوع متعلق بملف الوافدين، كي لا يتسبب بأزمات مستقبلية على الدولة، ومنها التحول إلى سكن جماعي عزابي. ولا يعتقد الحبيب أنه سيكون هناك قرارات مستقبلية تشكل خطراً على الوافدين، مطالباً بتوخي الحذر في معالجة هذا الملف الخطير. من جانب آخر، انتشرت هذه الظاهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل لافت خلال الأيام الماضية، وعبر مواقع خاصة بالوافدين في الكويت، يطلبون خلالها سكناً جماعياً بأقل قيمة ممكنة. وقد ظهرت هذه الإعلانات التي تشير وجود طلبات مشاركة سكن، في أكثر من موقع بسعر السرير الواحد في غرفة بأسعار تبدأ من 37 ديناراً للشخص. وتلفت الإعلانات المدونة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى شروط يجب أخذها بعين الاعتبار قبل قبول المشاركة في السكن، ومنها عدم قبول المدخنين، ومعرفة الوظفية التي يعمل بها الطالب للسكن.