بعد ساعات من إلقاء القبض على منفذ عملية الاعتداء على ملهى رينا الليلي في إسطنبول هذا الأسبوع، أرسل المكتب الصحفي للحكومة التركية تغريدة منقولة عن الرئيس رجب طيب أردوغان. وذكرت التغريدة: "عملت رئيساً لوزراء تركيا على مدار 14 عاماً. ولم يتم التدخل في أسلوب حياة المواطنين مطلقاً ولن يحدث ذلك"، بحسب ما ذكر موقع هيئة الإذاعة البريطانية . كررت تلك التغريدة ما ذكره الرئيس في خطابه الأول في أعقاب الاعتداء الذي وقع ليلة رأس السنة "لا يتعرض أسلوب الحياة في تركيا لأي تهديد ممنهج. وأسأل الكاذبين الذين يقولون ذلك: من ذا الذي تدخل في طعامكم أو شرابكم أو ملابسكم؟". كان أردوغان يرد على المزاعم القائلة إن حكومته ذات الميول الإسلامية تدعم المُناخ الذي يتم من خلاله استهداف الاحتفالات غير الإسلامية والحفلات التي يتم بها تداول الكحوليات والخمور. : I served as PM of Turkey for 14 years. Peoples life style has never been interfered with and will not be henceforth. — Turkey PM Press&Info (@ByegmENG) وقبيل وقوع اعتداء ملهى رينا، انتشرت تحذيرات في بعض الصحف بعدم الاحتفال برأس السنة الجديدة. لكن في النهاية، يبدو أنه قد تم استهداف ملهى "رينا" باعتباره يقع في موقع متميز ومكتظ بالسياح، وليس لما يمثله هذا الملهى. كانت الشوارع الضيقة بمنطقة "أسماليه ماسجيت" بإسطنبول ذات يوم تعج بالحياة أثناء الليل. فقد كان رواد تلك المنطقة يذهبون للبارات والاستماع إلى الموسيقى التي تُعزف طيلة الليل. واليوم، تم إغلاق معظمها، وما تبقى منها يكاد يكون خاليا من الزبائن. التهديد الأمني ويرجع ذلك، بصفة جزئية، إلى التهديد الأمني، إذ تراجعت أعداد السائحين الأجانب وبات البعض يحسب حساباً قبل الخروج من المنزل. وبموجب القوانين التي بدأ تطبيقها عام 2013، لابد أن تبعد الحانة المرخص لها بيع الكحوليات بمسافة 100 متر عن أي مدرسة أو مسجد، كما لا يجوز أن تضع الحانات الطاولات خارج البوابات. واعتبر كامل إرترك، صاحب أحد الحانات، أن السلطات طبقت "لوائح مستحيلة حتى لا نستطيع تجديد تراخيص بيع الكحول. يأتون ويقولون إن مقاعد الحانة مرتفعة للغاية، أو إن الترخيص كمطعم لا يسمح للناس بالرقص بعد تناول العشاء". وفيما بعد أغلق إرترك حانته الثانية بعد إلغاء ترخيص بيع الكحوليات. دائماً ما كان الانقسام العلماني الديني في تركيا موجوداً. وكانت الجمهورية التركية التي أسسها أتاتورك عام 1923 تستلهم نظامها من الغرب، إذ وضعت دستوراً علمانياً وشددت الرقابة، بما أدى إلى نبذ المحافظين على مدار عقود. وحينما وصل الرئيس أردوغان إلى السلطة عام 2003، بدا أنه يجمع بين كلا النقيضين فقد قام بإلغاء الحظر المفروض على حجاب المرأة على مدار عقود داخل المؤسسات العامة، ومع ذلك، حظي في نفس الوقت بدعم العديد من الليبراليين. إلا أن الطبقة الوسطى التي اتسعت خلال فترة حكمه طالبت بالمزيد. وتمثلت نقطة التحول في المظاهرات التي اندلعت عام 2013 وأثارتها خطط تطوير حديقة غيزي في إسطنبول. وذكر أحد المشاركين في تلك الاحتجاجات للصحيفة، ورفض ذكر اسمه – إشارة إلى مدى تحول تركيا "معظمنا بالمنتزه كنا نقول: توقفوا عن التدخل في شؤون حياتنا". وذكر أن السلطات كانت تقول إنه يتعين على النساء إنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، معتبراً أنه "كانت هناك ضغوط متزايدة على المؤسسات العلمانية. وحينما كان الأمر يتعلق بالمطالبة بتحقيق الديمقراطية – أو الديمقراطية الحقيقية – كانوا يقولون إننا انفصاليون ونضر بالمجتمع". وبالنسبة للعلمانيين، فإنه بدءاً من مطالبة نائب رئيس الوزراء السابق للنساء بعدم الضحك وسط العامة، مروراً بنعت "سكير" على كل من يتناول الخمر وصولاً لرفض البعض الاختلاط بين الجنسين في أماكن إقامة طلاب الجامعات، أصبح أسلوب حياتهم أكثر صعوبة من وجهة نظرهم، فيما انتشر أسلوب الحياة المحافظ وبات أكثر جرأة. حتى أن الصحف التركية ذكرت تعرض فتاة للضرب بسبب ارتدائها سروالاً قصيراً بإحدى الحافلات العامة؛ وهاجم آخرون إحدى الحفلات المقامة بأحد المتاجر خلال شهر رمضان، وانتقدت الصحف الموالية للحكومة في عناوينها الرئيسية العلمانية واليساريين. لكن إليف دفيسيوغلو، مصممة الأزياء النسائية الإسلامية التي أصبحت خامس أكبر صناعة في تركيا، فنّدت حجج العلمانيين، وقالت: "نحن الذين نرتدي الحجاب أكثر من تعرض للقمع قبل وصول هذه الحكومة، كان الأكاديميون يصطحبون الفتيات البالغات من العمر 17 عاماً إلى إحدى الغرف لإقناعنا بعدم ارتداء الحجاب. إنه عنف نفسي وجريمة ضد الإنسانية. تستهدف هذه الحكومة تمثيل كافة الأطراف، ولكن 14 عاماً ليست كافية لتغيير العقليات". لقد تغير الكثير في تركيا خلال فترة وجيزة نسبياً ويسيطر المتمسكون بالدين حالياً على السلطة، بينما يشعر العلمانيون بالخطر. ومع ذلك، تشعر تركيا بالاستقطاب الشديد أيضاً – وهو توجه من المحتمل أن يتفاقم مع تصاعد الجدل حول التحول الدستوري. يريد الرئيس أردوغان تغيير نظام الحكم إلى الرئاسي بمنح الرئيس سلطات أكثر لتعيين الوزراء واختيار معظم القضاة، وذلك لـ"تخليص تركيا من التحالفات البرلمانية غير المقبولة". وترى المعارضة أن ذلك سيؤدي إلى ترسيخ مبدأ الشمولية. هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .