قبل 32 عاماً، وتحديداً في العام 1985 تكونت قرية تراثية صغيرة تصف طريقة حياة الإنسان السعودي وتقاليده، وتعنى في المحافظة على موروث الشعبي المحلي، تطورت هذه القرية في ما بعد لتضم فاعليات ثقافية وفنية ورياضية، لتصبح ما يسمى الآن المهرجان الوطني للتراث والثقافة في «الجنادرية». وينتظر السعوديون ربيع كل عام هذا المهرجان، الذي يعد أحد أهم الفاعليات الثقافية والتراثية في المملكة، ويمتد طوال 12 يوماً، يمتزج فيه التاريخ في التراث والثقافة والفنون، ويختصر الزمن لكثير من الأجيال المعاصرة ويربط الماضي في الحاضر، مقدماً صورة حية عن حياة المنطقة وتاريخها. واكتسب شهرة دولية، ويعد محلياً أحد أهم المهرجانات الثقافية التي تقام برعاية ملكية. والجنادرية تَقَع إلى الشَّمال من مدينة الرياض، ويحظي مهرجانها الذي تشرف عليه وزارة الحرس الوطني بحضور كبير من داخل المملكة، ومن دول مجلس التعاون الخليجي، ويشمل أنشطة وفاعليات عدة، أبرزها سباق الهجن السنوي الكبير، أحد أهم المظاهر التراثية في الجزيرة العربية ويعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ويشارك فيه مالكو الإبل من المملكة وخارجها في مضمار تراوح مساحته بين ستة إلى 19 كيلومتراً. ومن بين الفاعليات التي يقدمها المهرجان «أوبريت الجنادرية»، وتشدو فيه مجموعة من الفنانين السعوديين، بنصوص كتبها شعراء خليجيين وعرب، وبمشاركة رواد الفنون الشعبية والتراثية، إضافة إلى الاستمتاع بمشاهدة «العرضة»، وهي رقصة شعبية محلية، تعد أحد أهم جوانب التراث السعودي، واعتاد الملوك مشاركة المواطنين في أدائها. وتشارك في «الجنادرية» فرق شعبية من مناطق المملكة كافة ودول مجلس التعاون، وتعرض الفرق الرقصات الشعبية والفكلورية على أنغام الطبول في ساحات القرية، وأبرزها «السامري» و«العرضة النجدية». وتستهوي السوق الشعبية زوار المهرجان، وتشارك فيه مناطق المملكة ودول خليجية، ويحوي 300 حرفة يدوية تشتهر بأصالتها، مثل الخراز، وصانع المشالح، والمسابح، والعصايب، والأختام، والأمهار. ويتضمن المهرجان «واحة التراث»، التي تحوي أكبر شاشة عرض في العاصمة، على مساحة تصل إلى 360 متراً مربعاً، ويتاح للزوار فيها الاستمتاع بأجزاء الواحة إلكترونياً، وتضم محاور متنوعة خاصة في الآثار والتراث العمراني والسياحة. ويقدم «الجنادرية» كل عام «ضيف شرف»، وتقرر أن تكون جمهورية مصر العربية «ضيفة» النسخة الـ31 منه، وكانت ألمانيا هي الأخيرة، إضافة إلى شخصية ثقافية يتم اختيارها «شخصية العام»، وكان آخر من حاز عليها في النسخة الأخيرة الأديب السعودي محمد بن عمر بن عقيل. ويقدم المهرجان عروضاً مسرحية وجماهيرية تجمع الفنانين السعوديين، إضافة إلى الندوات والمحاضرات الثقافية والأمسيات الشعرية التي يحضرها كتاب ومفكرون وشعراء من داخل المملكة وخارجها. ويضم أجنحة خاصة في المناطق كافة، تعرض فيها كل منطقة تراثها الشعبي وحرفها وأكلاتها الشعبية، إضافة إلى أجنحة خاصة بالمؤسسات الحكومية المختلفة والشركات التي تقدم خدماتها المجانية ومنتجاتها المخفضة إلى الزوار. يذكر أن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كانون الثاني (يناير) من العام 2015 أدت إلى تأجيل إطلاق المهرجان في نسخته الـ30 إلى العام 2016.