رفع سكان مدينة حلب أمس الصوت بوجه النظام السوري، إثر انقطاع المياه عن المدينة بعدما أوقف تنظيم داعش ضخ المياه من محطتي الفرات والخفسة الواقعتين على نهر الفرات، واللتين تغذيان محطات التكرير في مدينة حلب بمياه الشفة. ودخلت الأزمة إلى حلب، ثاني أكبر المدن السورية، بعد 25 يومًا من انقطاع المياه في مدينة دمشق، إثر استهداف النظام لمحطات الضخ في منطقة نبع عين الفيجة، حيث يخوض النظام حربًا ضد فصائل المعارضة في وادي بردى بريف دمشق. وباتت كبرى المدن السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري، عطشى، من غير أن تحمل القضية ملامح حلول فورية. وقال مصدر من سكان حلب لـ«الشرق الأوسط» إن السكان «يتخوفون من حالة العطش التي أصيبت بها العاصمة»، مشيرًا إلى أن النظام يتذرع بوجود عطل في محطات الضخ، بينما «تصل أنباء عن أن (داعش) قطعها بهدف الضغط على النظام» الذي يخوض معركتين ضد التنظيم في تدمر ودير الزور في البادية السورية شرق البلاد. وتضاربت المعلومات حول أسباب انقطاع المياه، فقد أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بانقطاع المياه التي يتم استجرارها من نهر الفرات والتي تغذي مدينة حلب بعد مرورها بمحطة الخفسة لضخ المياه وتصفيتها، علما بأن محطة الخفسة خاضعة لسيطرة تنظيم داعش. وعزت مصادر الأسباب إلى تعطل شبكة التيار الكهربائي المغذي للمحطة ولباقي محطات معالجة المياه في ريف حلب الشرقي، في حين اتهم الأهالي سلطات النظام بالتذرع بهذه الأسباب، تجنبا لخلق استياء جديد لدى المواطنين في المدينة تجاهها، بعد الاستياء العام الذي شهدته مدينة حلب، ولا تزال تشهده جراء عمليات «التعفيش» المتواصلة من قبل المسلحين الموالين للنظام لمنازل المواطنين ومتاجرهم وممتلكاتهم في المدينة وأطرافها، بحسب ما أفاد «المرصد السوري». وجزم مصدر في حلب بأن انقطاع المياه لا يعود إلى عطل فني، حيث نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر في محافظة حلب أن تنظيم داعش أوقف الاثنين ضخ المياه من محطتي الفرات والخفسة على نهر الفرات بشكل كامل، وهي خطوط المياه الرئيسية التي تزود مدينة حلب باحتياجاتها، ما أدى إلى انقطاع المياه عن المدينة، مؤكدًا أن شخصيات من أهالي حلب يعملون من أجل معالجة الوضع وإعادة ضخ المياه إلى المدينة. وعادة ما كانت تتدخل فعاليات مدنية للتوسط لدى تنظيم داعش لإعادة فتح قنوات المياه، بحسب ما قالت مصادر معارضة في حلب لـ«الشرق الأوسط». وأكدت أن التواصل مع «داعش» في حالات انقطاع المياه جراء الأعطال «عادة ما كان يسلك طريق المجالس المحلية المعارضة مع فعاليات اجتماعية وعشائرية في ريف حلب، يسمح بموجبه (داعش) للهلال الأحمر السوري بالدخول إلى المناطق بغرض إجراء عمليات الصيانة»، لافتة إلى أن التنظيم «كان يتقاضى أموالاً لقاء السماح لفرق الصيانة بالعبور، ويشترط تغذية مناطقه بمياه الشفة». واستطردت المصادر بقولها: «أما اليوم فإن الوضع مختلف، كون القضية سياسية مرتبطة بشروط التنظيم وليست نتيجة أعطال فنية»، مشيرة إلى أن النظام في هذه الحالة «يكلف وجهاء وشيوخ عشائر لقيادة المفاوضات مع (داعش)». وكان تنظيم داعش أقدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على قطع مياه الشرب عن مدينة حلب من المصدر الرئيسي القادم من محطتي الفرات والخفسة على نهر الفرات لمدة ثلاثة أيام، وبعد تدخل محافظة حلب والهلال الأحمر السوري والمبادرات الأهلية، تم إعادة المياه إلى المدينة. وتعد مياه الفرات التي تتم معالجتها في محطات الخفسة المصدر الرئيسي للمياه في مدينة حلب إلى جانب كثير من الآبار الارتوازية المنتشرة في المدينة، لكن النشطاء في حلب يؤكدون أن المياه الارتوازية «معظمها ملوث ولا تكفي سكان حلب» الذين يفوق عددهم المليون نسمة. وكما الحال في حلب، فإن الحال في دمشق ليس أفضل، مع انقطاع المياه الذي بلغ يومه الـ25. وسط ارتفاع بالغ في أسعار مياه الشفة في المدينة. ويلجأ النظام للحل العسكري في وادي بردى، حيث يستمر في حملته العسكرية لاستعادة السيطرة على المنطقة التي تعتبر خزان مياه العاصمة دمشق. وذكرت «الهيئة الإعلامية في وادي بردى»، أن قوات النظام قصفت قرى المنطقة منذ ساعات الصباح الأولى بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابة وصواريخ (فيل) أرض - أرض وقذائف الهاون وعربة الشيلكا ورشاشات ثقيلة ومتوسطة وقناصات وبراميل متفجرة ألقاها الطيران المروحي، في محاولة لاقتحام قرية عين الفيجة من عدة محاور وفصائل المنطقة تتصدى لهذه المحاولات. وأشارت إلى «اندلاع اشتباكات متقطعة بين الثوار من جهة وقوات النظام من جهة أخرى يمنع الثوار أي تقدم لهذه القوات ضمن أراضي المنطقة».