عندما بدأت مهنة المحاماة وانطلقت لتكون عملا مساندا للقضاء وعونا لاصحاب القضايا وسندا يقر الحق ويسهم في ارجاع الحقوق لاصحابها، ومساعدة الملاحقين لقضاياهم وشكاواهم، فقد استلهم العارفون باهمية هذه المهنة وعرفوا أن المحامي يوازي القاضي في العمل الشرعي، وتذكرت وأنا أقلب اوراقي في مكتبتي واقرأ في هذه المهنة العظيمة عبارة لرئيس محكمة النقض المصرية عام 1930 في اولى جلساتها عندما قال (إن سروري يا حضرات القضاة وافتخاري بكم ليس يعدله الا افتخاري بحضرات اخواني المحامين الذين اعتبرهم كما تعتبرونهم انتم عماد القضاء وسنده أليس عملهم هو غذاء القضاء الذي يحييه ولئن كان على القضاء مشقة كبرى في البحث للمقارنة والمفاضلة فإن على المحامين مشقة كبرى في البحث للابداع والتاسيس وليت شعري أي المشقتين ابلغ عناء واشد نصبا لا شك أن عناء المحامين في عملهم عناء لا يقل البتة عن عناء القضاة في عملهم، بل اسمحوا لي ان عناء المحامي اشد في احوال كثيرة لان المبدع غير المرجح). وهنا أقول عبر هذا المنبر إن المحاماة تمر بمراحل تطور حقيقي بمتابعة وإشراف وخطط يتابعها ويؤسس لها وزير العدل، وانا على يقين أن هنالك العديد من التباشير ستنطلق نظراً لحرصه ونشاطه المستمر في تطوير المهنة والسير بها إلى مكانها المفترض وموقعها المأمول. القضاء يتطور ولا بد أن يوازيه خط من تطور المحاماة ولا يكون تطويرها والتقدم بها الا بمنع الدخلاء على المهنة ايا كانت مناصبهم ومواقعهم، فالبعض يرتدي ثوب القضاة والقضاء براء منه ومهنة المحاماة بعيدة عنهم فالمهنة لها اصول ولا بد من أن ننسب الفضل لاصحابه فجهود رئيس هيئة المحامين واضحة جلية، ولكن يجب أن يتم تفعيل ما يصدر عنها وان تتم محاصرة الدخلاء على المهنة وممن لا يقيمون للاعتبارات الاخلاقية وزنا اتمنى أن يحاسب كل محام يتجاوز على المهنة ويقفز فوق اخلاقياتها بسحب الموكلين من زملائهم أو من خلال سلب زملائه حقوقهم وهم الاحق بها فهنالك من يلعب على الموكلين كي يسحبوا قضيتهم من زميله السابق وبالتالي تضيع القضية والحقوق ويظهر التلاعب على الشرف المهني الذي يعد من اهم مبادىء المحاماة في كل الدول، واتمنى أن يحضر الميثاق لدينا في المملكة بشكل مهني وتفصيلي يتضمن عقوبات مغلظة على كل من يتورط في ذلك وقد لمست وشاهدت وعايشت مثل هذه التجاوزات والاخطاء والسلبيات التي اساءت لمهنة المحاماة وجعلت المهنة مسرحاً لمثل هذه التصرفات التي يجب أن توقف وان يطالها التأديب حتى نرصد الخطأ من مكمنه وكي نوقف السوء في مهده. نحن في أمس الحاجة إلى ردع مثل ذلك وإلى أن نرى فعلا ميثاق شرف ومبادىء اخلاق ترتكز عليها مهنة المحاماة بعيدا عن المتنطعين أو المتلبسين للمهنة برداء غير ردائهم الواقعي. جاء الوقت المناسب الكفيل ونحن نشاهد جهود وزارة العدل التي أتمنى أن تتواصل وان توظف خططها لوقف سلبيات دخلاء المهنة ووضع المحاماة في مسارات الابداع التي تشكل أسس ومعاني هذه المهنة الاخلاقية والنظامية وللحديث بقية الأسبوع المقبل.