أجهزة الأمن المصرية بدأت في تطبيق إجراءات جديدة للحد من العمليات الإرهابية التي ارتفعت وتيرتها في سيناء خاصة بعد تسلل بعض الجهاديين إلى المنطقة. العربأحمد جمال [نُشرفي2017/01/16، العدد: 10514، ص(6)] إجراءات صارمة القاهرة- بدأت أجهزة الأمن المصرية في تطبيق إجراءات جديدة على دخول المواطنين إلى شبة جزيرة سيناء (شمال مصر)، حيث اشترطت وجود إثباتات أمنية، توضح طبيعة المرور إلى هناك، من خلال نقطة تفتيش دخول نفق الشهيد أحمد حمدي، الواصل بين القاهرة وشبه الجزيرة. وأكد اللواء أحمد طايل، مدير أمن جنوب سيناء لـ”العرب”، أن القرار ليس لفترة معينة، بل سيتم تفعيله بشكل دائم، ولن يقتصر تطبيقه على نفق الشهيد أحمد حمدي، لكن على جميع الأنفاق والمعدّيات على محور قناة السويس، الرابطة بين محافظات القناة والدلتا والوادي في شبه جزيرة سيناء، لافتا إلى أن “الإجراءات تساعد على سرعة تحديد هُوية الوافدين لشبه الجزيرة، سواء كان لمحافظة جنوب أو شمال سيناء، نتيجة لتَكرار العمليات الإرهابية”. المعضلة الحقيقية لعودة الإرهابيين في الوقت الحالي، تكمن في أن كل الجبهات باتت مفتوحة على احتمالات التسلل، من الشرق ومن الجنوب، والخطر الأكبر يأتي من الغرب وربط أمنيون بين الإجراءات الجديدة التي اتخذتها قوات الأمن المصرية، وبين سعي الحكومة المصرية لعدم وصول أي إمدادات بشرية إلى عناصر داعش بشمال سيناء، وكذلك عدم تسلل تلك العناصر إلى جنوب سيناء، في وقت بدأت فيه السياحة هناك في التقاط أنفاسها. ورغم ما تمثله عودة المقاتلين إلى أراضيهم مرة أخرى، إثر الهزائم المتتالية لتنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا، من خطورة كبيرة على استقرار الأوضاع الداخلية للعديد من دول العالم، وتحديدا داخل منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الوضع في مصر يأخذ أبعادا سياسية تتخطى البعد الأمني. واعتبر خبراء أمنيون أن خطر العائدين من جبهات القتال في الخارج، قد زاد أثره بشكل لافت في الشهور الماضية، إذ نُفذت هجمات إرهابية نوعية لا يمكن تحديد الضالعين فيها وهل هي لأعضاء خلايا العنف الفردي، أو لما يعرف بـ”الذئاب المنفردة”، حيث تتطلب قدرات تدريبية عالية ومهارات خاصة في تصنيع المتفجرات، لا يمكن اكتسابها في الداخل المصري. وقال وليد البرش، القيادي المنشق عن الجماعة الإسلامية، لـ”العرب”، إن مصر كانت من الدول الجاذبة للعناصر الإرهابية عقب اندلاع ثورة يناير، والتي نتج عنها وجود انفلات أمني في المناطق الجبلية والصحراوية تحديدا، وهو ما استغلته الجماعات المسلحة لتدريب المقاتلين فيها، لكن ذلك الأمر توقف عقب فرض سيطرة أمنية قوية على البلاد في 30 يونيو2013. ورأى اللواء محمد مطر، مدير أمن شمال سيناء الأسبق، أن المعضلة الحقيقية لعودة الإرهابيين في الوقت الحالي، تكمن في أن كل الجبهات باتت مفتوحة على احتمالات التسلل، من الشرق ومن الجنوب، والخطر الأكبر يأتي من الغرب الذي يمثل التحدي الأبرز، بسبب انفلات الأوضاع في ليبيا ويضطلع الجيش بالجهد الأكبر في تأمينه بتعاون وثيق مع أهالي القبائل الغربية. وكانت قوات الأمن قد أوقفت قبل شهور 14 مصريا في المنطقة الغربية، كانوا قد سافروا إلى ليبيا والتقوا قيادات من داعش في مدينة سرت، وبايعوها وتم تدريبهم بشكل عال على تنفيذ العمليات ثم عادوا إلى مصر قبل أن يتم إلقاء القبض عليهم في محافظة مرسى مطروح (غرب). وأضاف مطر، لـ”العرب”، أن تلك التحديات دفعت الجيش المصري بالتعاون مع قوات الأمن، إلى زيادة الدعم العسكري الموجه للحدود الشرقية والغربية تحديدا، وزيادة عدد الطلعات الجوية لتأمين الحدود ومراقبتها، إلا أنه قلل من إمكانية انتشارهم بشكل موسع داخل المجتمع المصري، مثلما كان الوضع من قبل بالنسبة إلى العائدين من أفغانستان، إذ أن الملاحقات الأمنية المتتالية ستدفعهم للهروب مرة أخرى، أو إجراء مراجعات فقهية مع النظام مثلما حدث من قبل. التحدي الأكبر الذي يواجهه الأمن المصري حاليا، يتعلق بضعف المعلومات الاستخباراتية عن المواطنين المنضمين للتنظيمات المسلحة في سوريا وليبيا والعراق وقال صبرة القاسمي، منسق الجبهة الوسطية لمواجهة الفكر التكفيري، لـ”العرب”، إن الدولة المصرية تعي جيدا محاولات داعش للتوسع أفقيا، بعد هزيمته في مناطق عدة، وبالتالي فإن نشاطه في سيناء خلال الفترة الحالية مرتبط بتغير استراتيجيته دوليا، بحيث يعتمد على عناصر مدربة لتنفيذ عمليات إرهابية قوية في مناطق متفرقة، وهو ما ظهر من خلال تزامن العمليات في أكثر من دولة على مستوى العالم. ولفت إلى أن الأوضاع في سيناء كانت في طريقها للحسم من قبل الجيش المصري، بعد أن انخفضت معدلات العمليات الإرهابية بشكل كبير، إلا أن تسلل بعض العناصر الإرهابية المدربة بشكل جيد، سواء في سوريا أو ليبيا أو العراق، ساهم في وجود عمليات كبيرة على مدار الأسبوعين الماضيين، وكان لزاما اتخاذ إجراءات أمنية جديدة تحد من تلك العمليات. ورفض القاسمي، إطلاق وصف “العائدين” على أعضاء تنظيم داعش العائدين إلى بلدانهم في الوقت الحالي، وأشار إلى أن قيادات التنظيم تتعامل على أنها دولة متكاملة الأركان ينقصها الاعتراف الدولي بها، وتلك الدولة تحاول التوسع في العديد من البلدان الأخرى، وبالتالي فإن الغرض من العودة لا يكمن في التوبة ولكن في تنفيذ استراتيجيات وخطط جديدة يسعى لها التنظيم الدولي. لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه الأمن المصري حاليا، يتعلق بضعف المعلومات الاستخباراتية عن المواطنين المنضمين للتنظيمات المسلحة في سوريا وليبيا والعراق، فإذا كانت طريقة تسفير المقاتلين إلى أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي قد سمحت لأجهزة الأمن بحصرهم، فإن الطرق المعقدة لتسلل المقاتلين إلى سوريا، وسهولة التسلل عبر الحدود الطويلة، تجعل هذا الرصد أمرا شبه مستحيل. كاتب مصري :: اقرأ أيضاً العالم في مهمة حرجة تتطلب توازنا بين مفاهيم الأمن والديمقراطية رفسنجاني: غياب تاجر الفستق الذي ينذر بسقوط الثورة