حذّر وزير الخارجية المصري نبيل فهمي من «مؤامرة تستهدف العالم العربي، وأبرز أخطارها العمل على تقسيم المنطقة على أساس طائفي». واصل فهمي زيارته الى بيروت والتقى أمس في إطار جولته على القيادات السياسية اللبنانية، رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، في الرابية، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح. ثم انتقل فهمي الى معراب، حيث التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حضور سفير مصر أشرف حمدي. وأفاد المكتب الاعلامي لجعجع «ان النقاش مع الضيف المصري تناول آخر التطورات على المستويين المحلي والاقليمي، وخصوصاً الأزمة السورية وانعكاساتها على لبنان على الصعد كافة، اضافة الى دور مصر الفاعل في المنطقة وأهمية توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين والدعم المصري الدائم للبنان». وظهراً، زار فهمي بيت الكتائب المركزي والتقى الرئيس أمين الجميل. وحضرعن الجانب المصري، مساعد وزير الخارجية السفير ناصر كامل، والسفير حمدي. فيما حضر عن «الكتائب» وزير العمل سجعان قزي، النائبان فادي الهبر وسامر سعادة، والوزير السابق سليم الصايغ. وتناولت المحادثات التي تخللتها خلوة بين الجميل وفهمي «المخاطر التي تهدد المنطقة في ضوء الحوادث السورية الدامية وتداعياتها الخطيرة خصوصاً على لبنان». لإزالة معوقات الحوار وجدّد الجميل دعوته الى «تحييد لبنان بمعنى التحييد الايجابي المتحرك، وإزالة كل المعوقات التي تعترض الحوار والاستقرار والسلم الداخلي». من جهته، حذّر فهمي من «مؤامرة تستهدف العالم العربي، وأبرز مخاطرها العمل على تقسيم المنطقة على اساس طائفي»، مؤكداً «مناهضة مصر لهذا المشروع الخبيث». ووعد باستعادة القاهرة مكانتها ودورها الاقليميين. وقال: «انه يحمل رسالة دعم للبنان، ومؤسساته وللجيش اللبناني، وللاستقرار والأمن، واننا نحترم لبنان ونحترم خياراته». ورداً على سؤال، أكد «اننا نتخوف في العالم العربي وليس في لبنان فقط، من انزلاق الوضع نحو أي فكر غير حضاري، وغير ديموقراطي، ونحو أي فكر متطرف لا يحترم ويحافظ على كيان الدولة»، داعياً الى «بناء عالم عربي متحضر على أساس مفهوم الدولة والسيادة وليس على أساس الكيانات الطائفية أو العقائدية».ونفى «ان يكون وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي قد اتخذ أي قرار بعدم الترشح الى الرئاسة في مصر». والتقى فهمي بعد ذلك رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، في «بيت الوسط»، في حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري. لعودة مصر نتائج ايجابية وبعد اللقاء، الذي تخللته مأدبة غداء قال السنيورة: «نقدر للوزير دوره والمواقف العروبية العامة التي يقفها، والتي يعبّر فيها عن توجهات الدولة المصرية. ونقدر ونثمن تلك الروح الجديدة التي عبّر عنها اليوم بعودة مصر الواثقة والمبنية الى دورها التاريخي في المنطقة والعودة الى العمل العربي، ونعتبر ان هذا الأمر سيحمل معه نتائج ايجابية كثيرة على الصعيدين العربي واللبناني، كما نقدر له تلك اللفتة للعلاقة التاريخية التي تجمع بين مصر ولبنان، حيث يتمكن البلدان من تعميق تعاونهما بما ينعكس ايجاباً، ثقافياً وحضارياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ليس عليهما فقط بل على كل العالم العربي. الاجتماع بيننا اليوم كان موفقاً ووجهات النظر كانت جدّ متماثلة». وعن إشارة رئيس الحكومة تمام سلام الى ان التمديد لرئيس الجمهورية قد لا يكون مستبعداً بشكل كامل، قال: «نحن نرى ان الجهود يجب ان تنصب دائماً في اتجاه القيام بالاستحقاق الدستوري في موعده، ويجب ان نعمل لكي تتم الانتخابات، ونأمل ان تُذلل كل العقبات التي تحول دون ذلك». واذا خيّروا بين التمديد والفراغ، أجاب: «نريد إجراء الانتخابات، اما إذا وصلنا الى مرحلة من هذا النوع سنفكر بالامر، لكن قبل ذلك، الجهود يجب ان تكون منصبة على اجراء الانتخابات». والتقى فهمي بعد الظهر وزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله)، في فندق «فينيسيا» وجرى البحث في المواضيع ذات الاهتمام المشترك، اضافة الى التطورات على الساحتين العربية والدولية. وعلمت «الحياة» من مصادر عدد من الشخصيات التي التقاها فهمي، أن محادثاته شملت شرحه للوضع الحالي في مصر وسياستها الخارجية، مشيراً الى تراجع العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الاوروبية. ومما أوضحه فهمي أن القاهرة تحافظ على علاقتها مع إيران لكنها تبلغها موقفها من القضايا الإقليمية وباختلاف وجهة نظرها من التطورات في المنطقة من دون أن يصل الخلاف الى مستوى القطيعة. وأشار فهمي في حديثه مع بعض من التقاهم الى أن الخلاف مع دولة قطر لا يتعلق فقط بدعمها الإخوان المسلمين في مصر، بل إن المشكلة مع الدوحة هي ليست بينها وبين القاهرة أو بينها وبين الرياض، بل هي مشكلة عربية - قطرية بسبب سياسات قطر عموماً. وإذ تناول فهمي الأجواء السياسية المذهبية التي تخيم على دول المنطقة من الخليج الى دول أخرى أبدى قلقه حيال الوضع في لبنان مبدياً رغبة بلاده في التعاطي المباشر مع الملف اللبناني حيث طرح الكثير من الأسئلة والاستفسارات عن ظروف تشكيل الحكومة وعن انتخابات الرئاسة المقبلة وما يحيط بها، وعن الوضع الأمني في مناطق متعددة من لبنان، من طرابلس الى عكار وعرسال وغيرها. وقالت مصادر الذين التقوا فهمي ان ليست لديه أفكار جاهزة أو اقتراحات وفضّل الاستماع الى الشرح الذي قدمه الأطراف عن تعقيدات الوضع اللبناني. لكن المصادر أوضحت أن فهمي أكد أن مسار الوضع الداخلي في مصر «مستمر وماشي». واعتبر أن «الحلول لمشاكل المنطقة يجب أن تكون حلولاً سياسية وليست عسكرية، لا سيما في ما يخص الأزمة السورية». وخلال زيارة لرئيس البرلمان نبيه بري سمع الأخير منه اهتماماً متجدداً بالوضع اللبناني. وقوله «لقد تأخرنا على لبنان. ونحن مهتمون باستقراره». لكنه ركز، مع تأكيده نية المساعدة على ضمان الاستقرار، على وجوب أن تبذل القيادات اللبنانية الجهد الأساسي المطلوب في هذا المجال. وعبّر فهمي عن تقدير مصر الخاص لدور الرئيس بري في هذا السياق. مؤكداً له «أن هذا تقدير قديم وليس جديداً في سياسة القاهرة». وتبادل بري وفهمي الرأي في شأن الأوضاع في المنطقة، حيث كرر بري التأكيد على وجهة نظره بضرورة التفاهم السعودي - الإيراني. وقالت مصادر بري لـ «الحياة» إن الوزير المصري أكد بدوره أن «لدينا وجهة النظر نفسها في هذا الخصوص». لبنانالحكومة اللبنانية