النسخة: الورقية - سعودي هناك مهارات عدة يجب أن يحيط بها المحامي علماً ويلمّ بها ويتقنها كي يكون مميزاً، لاسيما تلك المهارات التي تنعكس على سرعة الفصل في قضيته المنظورة أمام القضاء، ومن تلك المهارات ما يمكن أن نسمّيه «الاكتفاء عند الاقتضاء»، ويعني أن يتوقف المحامي عن تقديم الدفوع التي تخرج عن صلب موضوع النزاع ولا تأثر فيه ويقرر اكتفاءه بما سبق أن قدمه من مذكرات، لتتمكن المحكمة من التصدّي للـفصل فيه. وتشهد عشرات المذكرات المقدمة من بعض المحامين استغراقاً منهم في غير موضوع النزاع أو تعليقات لا فائدة منها على ما جاء به خصمهم أو وكيله في مذكراته، ومؤدى ذلك ضياع وقتهم ووقت المحكمة بما يلحق الضرر بمصالح موكليهم أو يوقعهم في الزلل والخطأ، الذي ينعكس سلباً على موقف موكله في الدعوى. وحيث إن من المستقر في مبادئ التقاضي أن المحكمة تمنح طرفي النزاع حق الدفاع وتمكنهما منه وتتصدى للحكم بعد إقرار الأطراف اكتفاءها بما سبق وأن قدموه، وهذا لا يتعارض مع حق المحكمة في حجز القضية للحكم حال تهيؤ الدعوى للحكم فيها إذا أبدى الخصوم أقوالهم وطلــباتهـم. وربما يسلك بعض المحامين والوكلاء أسلوباً يخالف مبادئ التقاضي المعتبرة بكثرة الاستمهالات بحجة سؤال موكله، وحقيقة ذلك هو قصده المماطلة نكاية في خصمه أو لكسب الوقت الذي يمنح موكله إعادة ترتيب وضعه أو إخفاء أمواله وما إلى ذلك، متناسياً حق المحكمة المقرر في نظام المرافعات الشرعية بطلب الموكل بنفسه لإتمام المرافعة أو توكيل وكيل آخر. ومن موجبات هذه المهارة هو إدراك مفصل النزاع ابتداء والفصل بين الطلبات في الدعوى حال تعددها وقابليتها للفصل، فدعاوى الاستحقاق عادة ما تكون جلية وواضحة ما لا يستلزم معها الإطالة والإسهاب في تفاصيلها، أما دعاوى التعويض فهي لاحقة على دعاوى الاستحقاق، وعادة ما تستلزم قدراً من البحث والتمحيص، وربما تلجأ المحكمة فيها لطلب الخبرة لإثبات الضرر وقدره، ولذا يستحسن فصلها والسير فيها بشكلٍ مستقل. وختاماً، إذا ما كان هاجس الأطراف والقاضي ناظر الدعوى هو رد الحقوق لأهلها والوفاء بها، كان ذلك سبيلاً لتحقيق العدالة الناجزة بما يعود بالنفع على الجميع. * محامٍ ومستشار قانوني.