×
محافظة المنطقة الشرقية

الأسواق العالمية للبتروكيماويات تستقبل إمدادات جديدة من «سابك» للبولي إيثيلين

صورة الخبر

خلافاً للمدفوعين بكيديّة سياسيّة قائمة على تصفية الحسابات أو مدفوعين بالانبهار الكلّيّ بالحال التركية، لا شك في أن الإرهاب أصبح معضلة حقيقيّة في الداخل التركي، ومضاعفاته تترك آثارها العميقة في الاقتصاد والأمن والسياسة، في الوقت الذي تقلّ خيارات الحكومة على المواجهة كلما زادت ضربات الإرهاب وتوحّشت، كون البلاد تقوم نهضتها الحاليّة أساساً على الطفرة الماليّة التي وفرتها سياسات الانفتاح الاقتصادي وتحويل المدن إلى مقار سياحية جاذبة أو محطات ترانزيت دولية. وبعيداً من الحديث عن هويات المنفّذين في كلّ مرّة، فإن تركيا، على ما يظهر، تُعاقَب على خياراتها السياسية، إمّا القديمة وإمّا الجديدة. وأصبح في حكم المعلوم أن هناك أزمات عميقة ما زالت الدولة التركية عاجزة عن حلّها مثل قضية الأكراد والكيانات الموازية في الدولة بخلفياتها الأيديولوجية المتعددة والخلافات التاريخية بين تركيا ودول الجوار، وتدفّق اللاجئين غير المسبوق حديثاً. وكلها أزمات تتطلب اجتراح آليات خلاقة غير تقليدية أو متوقعة لإدارة هذه الأزمات في حال تعذرت الحلول الناجعة. ما يكسب تركيا ميزة تفاضلية إزاء هذه التحديات أنها دولة ممتدّة تاريخياً. وقد تمكنت من تجاوز أزمات أشد خطورة مثل احتواء المؤامرات التي حيكت لها بعيد الحرب العالمية الأولى. وهي قادرة اليوم على تجاوز التحديات إذا ما تمتعت القيادة السياسية الحاكمة بمزيد من المرونة والحساسية في التعاطي مع المشهد العام داخلياً وخارجياً. يُحسب هنا للقيادة التركية أنها التقطت مبكراً المزاج الدّولي المتحوّل نهاية العام 2015، فأعادت تموضعها السياسيّ في العلاقات الخارجيّة ببطء، إلى أن جاء الانقلاب الفاشل الذي أطلق للقيادة السياسيّة حريّة الحركة في تسريع وتيرة التموضع، فأعيدت العلاقات مع روسيا إلى سابق عهدها، وبدأ تشديد الرقابة على الحدود لاحتواء اللاجئين من ناحية، وللحدّ من حريّة الحركة لدى التنظيمات المتشدّدة من ناحية أخرى. كما اندفعت القوات التركية إلى مواجهة مباشرة مع تنظيم الدولة الإسلامية خارج أراضيها على قاعدة «درهم وقاية خير من قنطار علاج». يعتقد الأتراك اليوم بأنّ للولايات المتحدة حسابات مختلفة كثيرة عن حساباتهم في ملفات المنطقة وتحديداً في سورية. وأن ما تقوم به واشنطن، لا يمكن أن يفسّر من وجهة نظر أنقرة، إلا ضمن مخطّط تقسيم جديد للمنطقة إلى أقاليم على أسس عرقيّة وطائفيّة، من خلال ترويجها المتقطع لمشاريع الأقلمة والفدرلة في العراق وسورية، لا سيما أن الفراغ السلطوي والأمني والسياسي الناتج من الانتفاضات خلال السنوات الماضية عزز فرضية العمل أميركياً، والتسريع من وتيرة التحول في المنطقة نحو الفدرلة. تركيا وإيران القائمتان على اثنيات عدة، حالهما كحال العرب، معرّضتان هما أيضاً إلى السيناريو نفسه. دعم الولايات المتحدة لمشروع كردي انفصالي في سورية لن يترك سورية قبل أن يفتّتها كما لن يترك العراق، وربما يكون المقبل تركيا نفسها. تدرك تركيا أن الاعتماد الكامل على الذّات في الأمن والسّياسة والاقتصاد هو السبيل الوحيد الضامن لبقاء الدولة. وهي تجري اليوم مراجعات معمّقة في السياسة والأمن، محاولة إمساك زمام المبادرة والدفع نحو تبني سياسة مستقلّة في قضايا المنطقة، قائمة أولاً وآخراً على ما تتطلّب مصالحها القوميّة. لم تعد ترغب في أن تكون حليفاً مطلقاً للولايات المتحدة من دون ضمانات تؤكد عدم تضرّرها. كما لم تعد خائفة أو متوجّسة من السّياسات الروسيّة في البحرين الأسود والمتوسط بقدر ما تسعى إلى تعزيز المصالح المشتركة للوصول إلى رؤية واحدة مع موسكو في غالبية الملفات الواقعة بينهما. تعلم أنقرة أنّ أزمة حقيقية قائمة بينها وبين طهران، لكنّها لا تريد لهذه الأزمة أن تخرج من دائرة «تناقض الرؤية» إلى دائرة «المواجهة المكشوفة». وما زيارة رئيس الوزراء بن علي يلدرم إلى العراق إلاّ تطبيقاً حرفياً للمقاربة الجديدة. كما أنها مندفعة بقوّة في تعزيز العلاقات مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية في الوقت الذي تطلق إشارات ودّية متقطّعة تجاه مصر، وسط حديث عن محاولات خارجية لرأب الصدع بين البلدين. قد ينجح الأتراك في سياستهم الجديدة في مواجهة الإرهاب داخلياً والحدّ من الخسائر خارجياً، وقد يخفقون. لكنهم جادون ومصممون، وهم يسعون بوعي - على ما يبدو - إلى نزع الألغام من حولهم بكاسحات سياسيّة نشطة، تُعزّزها الزّيارات المكثّفة لعواصم الدول الإقليميّة. الأمر الذي يتطلّب التقاط الإشارة من القوى المعنية بتهدئة الأوضاع في المنطقة والحدّ من الخسائر الناجمة عن الصراعات الحالية.