تداول الناس كثيرا من الأسماء خلال الأسبوع. معلمة حطمت صراف أحد البنوك، ومسؤول أطلق تصريحاً لا يليق بشخصه والجهة التي يرأسها، ورئيس كوريا الشمالية حصل على 100 في المائة من الأصوات في انتخابات الرئاسة، وشاب سعودي قدم الغذاء والكساء لمشرد في الولايات المتحدة، وصولاً إلى شاب آخر لم يعترف به مجتمعه إلا بعد أن عرضت عليه شركة أيرباص 60 مليون يورو مقابل أحد اكتشافاته. أما الشخصية التي آلم الجميع ما حدث له، وفي وفاته عبرٌ عديدة، فهو المعلم محمد بكر برناوي ــ رحمه الله. تعرض المعلم لاعتداء من أحد الطلبة أدى إلى وفاته. جاءت هذه الحادثة لتنبهنا إلى أن المجتمع يعاني حالة من الفصام بين المثاليات التي ندعيها والواقع المرير الذي ينتشر بين أبنائنا. كان مستبعداً أن يشاهد الجمهور جريمة قتل على غرار ما كنا نتابعه في نشرات الأخبار الأمريكية. كنا ندعي أن أبناءهم يعيشون فراغاً نفسياً واجتماعياً أدى إلى مثل تلك الجرائم. ساد الاعتقاد عندنا أن الطالب الأمريكي هو ضحية لفساد مجتمعه وانتشار المخدرات والعصابات فيه. بعد الحادثة، سألت ابني: هل هناك طلبة يحملون أسلحة معهم إلى المدرسة، كما يحدث في أمريكا؟ ذكر لي أن هذا الأمر بدأ ينتشر تدريجياً، فكيف تسمح المدارس بذلك؟! لما استغربت، ذكر لي أموراً تحدث في المدرسة لا يعلم عنها أحد من طاقم التعليم لانشغالهم بأمور غير تعليمية. لنواجه مشاكلنا، لا بد من نشر الكاميرات في كل أرجاء المدرسة لضمان التعرف على ما يحدث فيها، وهذا أدى في حالات كثيرة لكشف وعلاج مشاكل وجرائم ترتكب لا يعلم عنها أحد. تساءلت بعد أن قرأت المتابعة الإخبارية لأمر خادم الحرمين الشريفين منح أسرة المتوفى نصف مليون ريال ومنزلا يؤويهم. تساءلت: لو لم يكن الأمير خالد الفيصل هو وزير التربية والتعليم، هل كان أحد سيوصل الصوت؟ لا أتوقع ذلك. يتعلم المسؤول في دولة المؤسسات من كل موقف ويضيفه إلى ملف "الدروس المستفادة". ينتج عن ذلك قانون يحكم كل القرارات المستقبلية، وهو ما أتمنى أن تتبناه الوزارة ليصبح تعويض أسرة المعلم الذي يتعرض لحادث هكذا مؤسسياً، لا اجتهادياً.