المخرج الهولندي مايكل دودوك دوفيت وأبديا اهتماما بإبداعه، فالفنان سبق فيلمه القصير “أب وابنة” أن فاز بجائزة الأوسكار وقد أثار إعجابهما ورأيا فيه قدرة على تقديم فيلم آخر ذي حساسية خاصة، فروعة العمل النهائي مدينة لتقنيين وفنيين آخرين بدا تعاونهم مع الفنان الهولندي ملحّا من أجل إتقان بالغ لفيلم تحريك طويل ومتطلب. عن أحد المشاهد القليلة التي تتضح فيه رغبة الإنسان التي تدفعه نحو التحرك من أجل الوصول إلى الأفضل بما في ذلك الاقتراب من تحقيق رغبة داخلية قد تظل متقدة لديه، يقول المخرج إنّ التعبير عن الرغبة كدافعٍ كان أوّل ما بدأ به فيلم “أب وابنة”، وأنّه واع بجمال وإيلام الرغبة، عند الفنان تحديدا، إذ يريد الإتقان والكمال ويعلم أنه لن يحققهما، ومع ذلك يظل يتحرك في اتجاههما. ما لا يراه المُشاهد هو ما سبق الصور المتحركة من عمل دؤوب أقله تمثيل الكثير من المشاهد من قبل ممثلين ورسمها فيما بعد من قبل مايكل دودوك دوفيت والمتعاونين معه مايكل دودوك دوفيت الذي ينتبه في اليوميّ للحركة، ينتبه لها أكثر في أفلامه التي تحمل رسوما تتحرك، فهو يريد لها أن تكون معبرة وجذابة لا تترك الناظر إليها محايدا ولا مبال، بالوعي نفسه يشتغل أيضا على الضوء والظلال، وفي فيلم “السلحفاة الحمراء” فإنّ الألوان المستخدمة وتغيرها يمنحان العمل رقّة ورهافة إضافيتين. ما يثيره فيلم التحريك الطويل الذي يغيب فيه الكلام كليا أيضا، هو بلاغة الحركة والصّورة وقدرتهما العالية على إيصال الفكرة وتحفيز العقل والحواس على الاستيعاب والاشتغال. ما لا يراه المُشاهد هو ما سبق الصور المتحركة من عمل دؤوب أقله تمثيل الكثير من المشاهد من قبل ممثلين ورسمها فيما بعد من قبل مايكل دودوك دوفيت والمتعاونين معه. بالنسبة إلى المؤلّف الموسيقي الفرنسي الذي تعاون معه المخرج الهولندي، يقول إنّه كان يبحث عن شيء يجمع بين البساطة وملامسة القلب والرقّة، وقد وجده عند المؤلف لورون بيريز ديل مار، فقد اقترح عليه مقطوعة أولى أثارته إلى درجة البكاء، وقد فازت موسيقى الفيلم لاحقا بجائزة مهرجان لوبول للسينما وموسيقى الأفلام. “السلحفاة الحمراء” التي استهلكت سنوات من الاجتهاد والاشتغال على تفاصيلها حازت رضى العاملين عليها والمنتجين اليابانيين وتحصلت على جائزة “نظرة خاصة ما” في مهرجان كان 2016، وبالتأكيد فإنّ من يشاهدها يقع أسيرا لتأمل ممتع يبعث على إحساس أعمق بالطبيعة والزمن المخادع، فهو متوقّف في الانسجام معه، يقبض على الإنسان في دوائر السعادة والرضى، لكنه يمضي إلى الأمام حتى لحظة الإنسان الأخيرة، حيث تنطفئ الحواس ويستسلم الجسد للصمت بينما تواصل الطبيعة حركتها. :: اقرأ أيضاً كتاب ما الفيلسوف يُعيدنا إلى تهافت الفلاسفة شعراء سابقون برتبة كهنة يفسدون واقع الشعر المصري كتاب يرصد العلاقة بين الأمازيغ والفراعنة ثلاثة كتب جديدة للكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور