النسخة: الورقية - سعودي في ليلة جميلة استثنائية طرز فيها الفرح أضواءه على محيّا جازان، احتفلت جامعة جازان بتخريج الدفعة التاسعة من طالباتها وطلابها في مختلف التخصصات، وأول دفعة من طالبات كلية الطب والصيدلة. والاحتفاء بـ52 طبيبة و24 دكتورة صيدلانية. عندما أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء جامعة جازان عام 1426هـ كان يعرف تماماً ما ستقدمه هذه الجامعة، من خدمة للمنطقة، وما ستوفره من تنمية لمنطقة عانى أبناؤها من الجنسين كثيراً، من الاغتراب في مناطق المملكة الأخرى طلباً للتعليم العالي. بدأت جامعة جازان من حيث انتهى الآخرون فنجحت وأبدعت وتميزت في تخصصات يحتاج إليها البلد كالطب والهندسة والسياحة، والحاسب وتخصصات اقتصادية دقيقة كالإدارة والأعمال، وغيرها، فالجامعة تعلم أن هناك مدينة اقتصادية ضخمة ستكون على أرض الواقع هي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي يُجرى العمل فيها على قدم وساق، فلم تهدر الجامعة سنين عمرها العشر في الدراسات النظرية التي لا تجد لها موطئاً في سوق العمل، لم تكتف بالدراسات العلمية فحسب، بل ابتعثت طلبتها للدراسة والتدريب في بلاد العالم، واستقطبت الخبراء العالميين لتدريس طلبتها وطالباتها، واعتمدت في إدارتها على سواعد أبنائها وبناتها في الإدارة، ليس من منطقة جازان فقط، بل من مناطق المملكة، في انصهار وطني جميل شعاره الإنتاج والإبداع، فتميزت الأيدي المخلصة في تنافس بديع على الأفضل والمفيد، من دون ضجيج أو تضخيم. العمل المتواصل والإصرار غير المتناهي جعلَا من المستحيل ممكناً بل وملموساً، ومع كثير من التفوق الذي شهدت لها به الجامعات العالمية والمراكز التدريبية التي أنجز فيها طلاب وطالبات هذه الجامعة الكثير من المخترعات والمبتكرات، وعلى رغم موازنة هذه الجامعة القليلة كجامعة ناشئة إلا أنها استخدمت في أوجهها الصحيحة من بناء منشآت كبيرة للجامعة برزت للعيان، مثل عيادات طب الأسنان التي بلغت 120 عيادة استفاد منها سكان المنطقة من مواطنين ومقيمين، وما هو في الإنشاء مثل المستشفى الجامعي والفندق الجامعي ومنشآت أخرى سيكون لها صداها وفائدتها عند افتتاحها، منها المدينة الجامعية لسكن الطلبة ومنسوبي الجامعة. لقد رأيت الانبهار على وجوه الضيفات اللاتي استضافتهن الجامعة للمشاركة بتخريج طالبتها من عضوات مجلس الشورى وإعلاميات وكاتبات، وعلى رأسهن الأميرة عادلة بنت عبدالله التي كانت كلمتها مفعمة بالحب للمنطقة وأهلها. كيف لا؟ وقد شاركت الجامعةَ فرحتها الأولى بتخريج أول دفعة منها، وهي الآن تشاهد الفوج الأول من كلية الطب، ومدى التطور والنمو السريع في هذه الجامعة المغايرة والاستثناء. في كل ما تقوم به في خدمة المنطقة من إنتاج وازدهار، جازان تنمو بسرعة كبيرة، في ظل المشاريع التنموية التي تنفذ فيها، حتى إن من يزورها يراها كمدينة جدة، إلا أنها تزيد عليها من حيث كونها منطقة زراعية فيها السهول والجبال والأودية، فهناك مزارع المانجو والفل والكادي والحمضيات والجمال في جزر فرسان وشواطئها، ويبقى أثمن ما فيها إنسانها الطموح المضياف، المفكر، الشاعر، الكاتب، المزارع، الصياد، لا فرق بين الجنسين في هذه الطموحات والصفات التي هي سمة سكان المنطقة. منحت جامعة جازان الفرح للآباء والأمهات الذين كافحوا لأجل أن تكون فلذات أكبادهم في هذا المحفل البهيج على أعتاب حياة مقبلة يتمازج فيها الطموح والعطاء، وردّ الجميل لهذا الوطن الحافل بإنسانه في كل مناطقه، يمتزج فيه الحلم والأمل والطموح لكل ما هو جدير بحياة وهبها الله له ليعمرها ويبنيها حضارةً ومحبةً وسلاماً.