واشنطن: محمد علي صالح أوضحت نتائج استطلاع أجراه مركز «بيو» في واشنطن، ونشرت أخيرا، أن أغلبية «جيل الموبايل» في الولايات المتحدة (وخارجها) تميل نحو التمرد على الوالدين، وتنفر من التقاليد التي سار عليها آباؤهم وأجدادهم. وأطلق المركز اسما آخرا لهذا الجيل هو «ميلينيام جنريشان» (جيل بداية الألفية). يشير هذا إلى أسماء أجيال سابقة، منها «سايلانت جنريشان» (الجيل الصامت الذي عانى الانهيار الاقتصادي في ثلاثينات القرن الماضي، ومن الحرب العالمية الثانية في أربعيناته). ثم «بيبي بومرز» (جيل أولاد وبنات ملايين الجنود الذين عادوا من تلك الحرب، وولد في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، وهو جيل الثورات السياسية والاجتماعية والجنسية). ثم «إكس جنريشان» (الجيل غير المفهوم)، ثم «جيل الموبايل» (الذي ولد مع بداية القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك تسعينات القرن الماضي). وحسب نتائج الاستطلاع، يميل هؤلاء (تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والخمس عشرة) نحو فردية أكثر من فردية آبائهم وأمهاتهم، لكنهم يستعلمون أكثر الهاتف الجوال (الموبايل) ومواقع الإنترنت للتواصل الاجتماعي، مما يجعلهم، حقيقة، أقل فردية. ومقارنة بآبائهم وأمهاتهم، هم أقل قراءة للصحف والمجلات المطبوعة، وأقل مشاهدة لأخبار ومسلسلات التلفزيون، وأكثر مشاهدة للأفلام في الإنترنت، وأقل اشتراكا في تليفون منزلي (هذا بالنسبة للذين تخرجوا في جامعات وحصلوا على وظائف ورحلوا من منازل عائلاتهم). وأوضحت النتائج أن هذا الجيل الجديد يميل نحو الأتي: أولا: لا يثق في عامة الناس، خاصة بسبب زيادة الفردية وسطه بنسبة 70 في المائة تقريبا، عن نسب الأجيال السابقة. ثانيا: لا يثق، وأحيانا لا يحترم، وأحيانا يحتقر، السياسيين ورجال الأعمال. وينطلق هذا من النقطة الأولى، ومن سيطرة هؤلاء على مجرى الأحداث في البلاد، ومن قلة متابعة هذا الجيل لهذه الأحداث. ثالثا: لا يثق في الأصدقاء بصورة عامة، لهذا ينتقيهم، ويثق في عدد محدود منهم، يضعهم في قوائم تليفونات الجوال. رابعا: يؤمن بما يمكن أن يسمى «براكتيكال لاف» (الحب العملي) الذي يميل نحو المنطق أكثر من العاطفة. غير أن الاستطلاع أوضح أن الجيل الجديد متفائل أكثر من الجيل الذي سبقه (جيل الستينات والسبعينات والثمانينات). ربما لسبب طبيعي وهو أن الشباب أكثر تفاؤلا وأكثر مثالية. حتى تتغير آراؤهم عندما يواجهون حياة العمل، والسكن، وتوفير الأكل والشراب، وتربية الأطفال. لكن، أشارت غالبيتهم إلى أن من أسباب التفاؤل توقع مزيد من التطور في مجال التكنولوجيا. وكأنهم يقولون إن التكنولوجيا جلبت السعادة لهم (سعادة الحياة الحديثة)، ولا بد أن مزيدا منها سيعني مزيدا من السعادة. لهذا، قالت نسبة النصف تقريبا إن «أفضل الأيام هي التي أمامنا». وكانت النسبة 40 في المائة وسط الجيل السابق. لكن، أكثر من ذلك وسط الأجيال السابقة. ماذا عن المال؟ قالت نسبة كبيرة من الذين تخرجوا وحصلوا على وظائف الآتي: أولا: ليس المال كل شيء. ثانيا: ليست رواتبهم عالية. ثالثا: سيتحسن وضعهم في المستقبل. وقال تقرير مرفق مع نتائج الاستطلاع، كتبه خبراء في مركز «بيو»، إن «جيل الموبايل» واقعي في أن دور الحكومة في المجتمع سيقل أكثر (ظل يقل منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما رفع الرئيس ريغان شعار أن الحكومة هي سبب المشكلات، وأن الناس يجب أن يعتمدوا على أنفسهم «لإطلاق المبادرات الفردية»). لهذا، توقع الجيل الجديد أن برنامج الضمان الاجتماعي الحكومي لن يستمر كثيرا. وربما حتى برنامج الرعاية الصحية (الذي أعلنه الرئيس أوباما، ولم يبدأ تنفيذه كله). ولهذا، يؤمن الجيل الجديد بفردية أكثر. ليس فقط للزيادة التدريجية في الفردية (داخل الولايات المتحدة وخارجها)، ولكن أيضا توقعا لمزيد من الأدوار للقطاع الخاص، اقتصاديا، وسياسيا، واجتماعيا. لكن، قال تقرير «بيو» إن الجيل الجديد يبدو غير مدرك لقساوة هذا المستقبل الذي يتوقعه. مثلا: زيادة اعتماد الطلاب على القروض البنكية لدفع مصروفاتهم الجامعية. كما يتوقع التقرير مزيدا من البطالة وركود الأجور، بسبب زيادة الاعتماد على التكنولوجيا التي تبهر الجيل الجديد. وكان استطلاع سابق أجراه مركز «بيو» عن ديون الطلاب الجامعية، أوضح أن واحدا من كل ثلاثة من الأميركيين بين السنوات 25 و35 في العمر حصل على درجة جامعية، وأن هذا يجعلهم أفضل المتعلمين الشباب في تاريخ الولايات المتحدة. لكن، تظل ديون القرض البنكية مشكلة كبيرة لهؤلاء. يواجه ثلثا الذين تخرجوا أخيرا ديون قروض، ويبلغ متوسط ديون كل طالب قدرها 27 ألف دولار. (قبل عشرين عاما، كان نصف الخريجين يواجهون ديون القروض. وكان متوسط ديون كل طالب 15 ألف دولار). ومن أمثلة انحراف الجيل الجديد عن تقاليد موروثة، إتيكيت استعمال التليفون. وتظل أغلبية الأميركيين ترى أنه يجب ألا يستعمل أثناء الأكل مع العائلة أو أي مجموعة، وأثناء الحصص الدراسية، وأثناء الاجتماعات، وأثناء الصلوات. لكن، قالت أغلبية «جيل الموبايل» إنه يمكن أن يستعمل في كل هذه الحالات؛ ذلك لأنه لم يعد تليفونا فقط، ولكنه أيضا جهاز لجمع المعلومات. عن هذا، قال عدد من أعضاء الجيل الجديد أشياء تبدو غريبة، على الأقل لغيرهم، وردا على ذلك قال أحدهم: «خلال العشاء العائلي اليومي، قال والدي معلومة خطأ، وفي الحال، راجعت (غوغل) وأصلحت خطأه». وأضاف قائلا: «وأنا في غرفة الانتظار لموعد مع طبيب المسالك البولية والكلي، قرأت في (ويكيبيديا) معلومات ساعدتني لشرح مرضي».