لم يكن الشعر الجميل هو الشيء الوحيد الذي خلق شعبية الشاعر الكبير أحمد الناصر الشايع (1339هـ-1438هـ)- رحمه الله- ولم يكن هو فقط ما زاد من محبته لدى الناس، فقد اجتمع له كمبدع العديد من السمات التي قرّبته وقرّبت قصائده من قلوب الناس ومن قلوب عشاق الشعر، ولعل أبرز السمات التي امتلكها الناصر ما تمتع به –رحمه الله- من تواضع جم وأخلاق عالية كسب بها محبة الجميع، مع أنّ وسط الشعر وشعر المحاورة تحديداً- قلّ أنّ تجد فيه شاعراً يسلم من الوقوع في الصراعات أو الخوض في نزاعات يولدها التنافس الشديد بين الشعراء، لكنها قد تُسيء للشاعر وتؤثر بشكل سلبي على شعبيته. إلى جانب ما تتسم به شخصية أحمد الناصر الشايع من صفات استحق بها الاحترام والتقدير الذي حظي به، كانت موهبته الفذّة عاملاً واضحاً ومؤثراً في زيادة شعبيته ومحبته، ومن يطلع على ديوانه الوحيد (نسمات الربيع) الذي صدرت طبعته الأولى عام 1384هـ، أي قبل أكثر من نصف قرن، يُدرك بسهولة بأنه أمام شاعر عظيم ومختلف في قدرته على إيصال إحساسه للمتلقي بكل عذوبة وصدق، فقد كانت وما زالت اللغة الرشيقة والمرهفة التي تحضر بقوة في أشعار أحمد الناصر عنصراً من عناصر الجذب للمتلقين. وقد أبدع الشاعر في الكتابة على البحور الخفيفة والرشيقة وكذلك البحور الطويلة مثلما لم يبدع غيره، في الوقت نفسه لم يقتصر إبداعه على ميدان المحاورة التي وقف فيها أمام شعراء فحول من أمثال: عبد الله اللويحان، ومطلق الثبيتي، وصياف الحربي، ومرشد البذال،وغيرهم- رحمهم الله- بل أبدع في ميدان النظم قصائد خالدة من بينها: (كل من عاش بالدنيا يشوف العجايب)، و(أعالج لوعة المغرم)، و(أقبل الليل واكتف النهار)، والعديد من القصائد التي لا يبدعها إلا شاعر في حجم أحمد الناصر، تميّز أحمد الناصر من بين ما تميز به بصوت شجي لا يختلف اثنان على جماله، وبامتلاك ذاكرة قوية تمّكنه من حفظ المحاورات الرائعة التي جرت بينه وبين كثير من الشعراء الكبار الذين أدركهم، وقد استمعنا له في بعض اللقاءات التلفزيونية وهو يستعيد من ذاكرته محاورات كاملة لا شك أنها جديرة بالحفظ والتوثيق. ومن الرائع أن اليوتيوب يحتفظ لنا بكثير من اللقاءات والمحاورات والقصائد بصوت هذا الشاعر المختلف، وستحتفظ قلوبنا بالذكرى العطرة له، كما ستحتفظ ذاكرة الشعر بأشعار أحمد الناصر الشايع التي تستحق الخلود في الأذهان. أخيراً يقول أحمد الناصر الشايع رحمه الله: الليالي تفرّق بين خلّ وخليل وأهني المعافى من غرابيلها