×
محافظة المنطقة الشرقية

نواف يعتمد برنامج تشكيل الاتحادات

صورة الخبر

تونس: عادل النقطي يخشى المعنيون بالشأن الاقتصادي والخبراء في تونس من تداعيات أكثر خطورة للأزمة السياسية الراهنة التي تمر بها البلاد على الوضع الاقتصادي الذي يعاني بطبعه من صعوبات عدة منذ يناير 2011 تاريخ سقوط النظام السابق. وفي حين تصف المعارضة التونسية الوضع الاقتصادي الراهن بـ«الكارثي»، تؤكد الحكومة والائتلاف الحاكم الذي يقودها أن هذا الوصف مبالغ فيه وتحكمه اعتبارات سياسية أكثر منها موضوعية. ولكن يمكن القول إن هناك إجماعا على أن أوضاع الاقتصاد التونسي حرجة وليست على ما يرام، وان الأزمة السياسية الراهنة قد تزيد من المخاطر التي تتهدده. وتشير آخر الأرقام إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس سنة 2013 بنسبة 1.3 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2012، ووصلت نسبة التضخم إلى حدود 6 في المائة في حين تتراوح نسبة التداين الخارجي بين 47 و48 في المائة من الناتج الداخلي الخام. كما بلغت قيمة الدينار التونسي إلى أدنى مستوى في تاريخه في يوليو الماضي. جمعية الاقتصاديين التونسيين أصدرت بداية الأسبوع الحالي بيانا أشارت فيه إلى «خطورة الوضع الاقتصادي الراهن لتونس» ونبهت إلى «مدى قدرة البلاد على سداد ديونها»، في حين ذهبت جمعية الخبراء المحاسبين التونسيين إلى التأكيد في بيان لها أن «الوضع الاقتصادي لتونس يتطلب العمل بشكل عاجل على إعادة التوازنات المالية للبلاد»، مشيرة من جهة أخرى إلى أن الأمر قد يتطلب إعادة النظر في ميزانية 2013 . ولعل الأخطر من كل هذا هو حديث بعض الأطراف وخاصة في أوساط المعارضة في الفترة الأخيرة عن «عدم قدرة الحكومة التونسية على دفع رواتب الموظفين في الفترة المقبلة» وهو ما دفع بإلياس الفخفاخ وزير المالية في الحكومة التونسية إلى تكذيب هذه الأخبار والقول انها «عارية عن الصحة» وانها «تدخل في باب التجاذبات السياسية ومحاولة إرباك عمل الحكومة». وقال الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي والعضو السابق لمجلس إدارة البنك المركزي التونسي معز العبيدي لـ«الشرق الأوسط» ان «وضع الاقتصاد التونسي حرج» وان «مأزق الاقتصاد التونسي سيستمر مهما كان الحل الذي ستنتهي عليه الأزمة السياسية الراهنة» لأن أي حل حسب رأيه «سيتطلب الكثير من الوقت والجهد لإعادة الأمور إلى نصابها، سواء استقالت الحكومة الحالية وتشكلت حكومة إنقاذ وطني مستقلة، أو وقع إعادة تشكيل نفس هذه الحكومة لتصبح حكومة وحدة وطنية». وتعيش تونس منذ يوم 25 يوليو 2013 تاريخ اغتيال السياسي محمد البراهمي أزمة سياسية دفعت بجزء من المعارضة إلى المطالبة بحل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) وبإسقاط حكومة علي العريض وتشكيل حكومة إنقاذ وطني محدودة العدد ترأسها شخصية مستقلة، في حين يتمسك الائتلاف الحاكم الذي يقوده حزب حركة النهضة (إسلامي) بمواصلة المجلس الـتأسيسي لأعماله وبحق النهضة في مواصلة ترؤس الحكومة، باعتبارها الحزب الفائز في انتخابات أكتوبر 2011 ، مبديا استعداده «لتوسيع قاعدة الحكومة الحالية لينضم إليها ممثلون لأحزاب أخرى لتصبح حكومة وحدة وطنية.» وبخصوص نسبة تداين تونس قال معز العبيدي ان هذه النسبة «تبقى عموما مقبولة ما لم تتجاوز الـ50 بالمائة من الناتج الداخلي الخام»، مضيفا «المشكل يكمن في ضعف نسبة النمو وليس في حجم تداين تونس بحد ذاته. لأن نسبة النمو يجب أن تفوق بنقطتين نسبة سعر الفائدة الذي تقترض به تونس»، مشيرا الى أن سعر الفائدة «سجل ارتفاعا في السنتين الأخيرتين بسبب التخفيض في الترقيم السيادي لتونس». أما بخصوص الانخفاض القياسي الذي سجله الدينار التونسي يوم 25 يوليو يرى الخبير معز العبيدي أن ذلك «يعود بشكل رئيس إلى عجز الميزان التجاري لتونس وتفاقم العجز الجاري، أكثر منه لعملية الاغتيال نفسها»، منبها من جهة أخرى إلى أن «الارتفاع الطفيف في احتياطي تونس من العملة الصعبة (104 أيام من التوريد) في الفترة الأخيرة إنما يعود إلى القروض التي تحصلت عليها تونس، لا إلى النشاط الاقتصادي وخاصة التصديري للبلاد». ومضيفا قوله «كذلك فإن الحديث عن تراجع في نسبة البطالة ليس مقنعا وإنما يعود إلى الانتدابات في الوظيفة العمومية وليس استجابة لوضع طبيعي لسوق الشغل». ويؤكد معز العبيدي أن هناك عاملين أساسيين اليوم أثرا على نقص تدفق الاستثمارات الأجنبية على تونس أولهما الأزمة السياسية وعدم وضوح الرؤية، والتحركات الاجتماعية وخاصة الإفراط في استعمال سلاح الإضراب العام». ويرى أن «التداعيات السلبية للوضع السياسي الراهن قد تتعدى سنة 2013 وتؤثر على سنة 2014»، موضحا أنه «لئن كانت الضبابية التي تخيم على المشهد التونسي اليوم، هي بسبب التجاذبات السياسية التي لا تشجع المستثمرين الأجانب على التفكير في الاستثمار بتونس، فإن هذه الضبابية قد تتواصل حتى موعد الانتخابات القادمة، التي تشير كل الدلائل الى أنها لن تجري قبل سنة 2014 وذلك إلى حين التعرف على هوية الطرف الذي سيحكم البلاد».