يوسف أبولوز أنجب الإرهاب، وما أسوأه من إنجاب، مصطلحاً أو توصيفاً متداولاً عند كل عملية عنف دموية وهو الذئاب المنفردة، أو الذئب المنفرد كأنما هذا المنفرد صار هكذا منفرداً لأنه تفلت من القطيع، وهو قطيع إرهابي يجد الذئب المنفرد نفسه خارجه بلا قانون ولا ضمير ولا أخلاق، فيتصرف بذاتية ظلامية وحشية إذا كان مسلحاً أو مزنراً بحزام ناسف، فيفجر نفسه ويقتل عشوائياً أناساً أبرياء قد يكون الواحد منهم ليس له علاقة بأي شيء، سوى أن يعيش الحياة بجمالها الأقصى البسيط، وإذ بطمأنينة البشرية هذه تصبح أشلاء حمراء يشمها الذئب المنفرد ويلعق الدم. في مقابل هذه الذئاب المنفردة الدموية، هناك ذئاب أدبية روائية وشعرية ليست منفردة، لأنها بين الناس وفي قلب الحياة، بل تحب الحياة إلى أقصى ما فيها من بشر وأمكنة وعقل آدمي نظيف خالٍ من الظلام. من أوائل ذئاب الشعرالأحيمر السعدي الذي قال بيتاً من الشعر أنسن فيه الذئب وحوله من حيوان إلى كائن شبه بشري.. قال: عَوى الذّئبُ فاٌستأنَسْتُ بالذئبِ إذ عَوى وَصــــوَّتَ إنســانٌ فكــدتُ أطــيرُ الشاعر الفلسطيني علي فودة أصدر في العام 1977 مجموعة شعرية يتذكرها إلى اليوم شعراء جيله ومن تلاهم من شعراء، وهي بعنوان عواء الذئب ومنها ما يردده قارئ شعر فودة: هِي النارُ فاعبر بها.. كن عنيداً..//.. مِنَ البَدْء للمنتهى..//.. وإن أشعلت فيك سيدة النار نيرانها..//.. ألست ابنها؟؟، تقبّلْ، إذن.. قبيل ابتساماتها..//.. شوكها... في العام 1982، كان علي فودة يوزع جريدة الرصيف (على الرصيف) أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي لبيروت. هناك أصابته قذيفة.. وسال دم الذئب علي فودة على الرصيف. ذئب شعري آخر هو الشاعر يوسف عبدالعزيز يقول في قصيدة له من مجموعته (ذئب الأربعين): وحده في النفق المعتم ذئب الأربعين..// يملأ الأرض عواءً..//.. ويشم الميتين//. الروائي الألماني هرمان هيسه له ذئبه هو الآخر في روايته ذئب البوادي الصادرة في العام 1927، وبطلها رجل شفاف يعيش في فضاء الفن، ولكنه يصطدم بمجتمع مادي ليغرق بالتالي في الاضطراب والتوتر. ذئب آخر أمريكي هذه المرة في رواية ذئب البحر للكاتب الأمريكي جاك لندن وصدرت في العام 1904، وبطلها هو الآخر له علاقة بالفن، ولكنه ناقد أدبي يسيطر عليه قبطان سفينة مجرم. ذئاب شعرية رائعة لا علاقة لها بمنظر الدم، وتعيش بين الناس بسلام ورفق وحب. y.abulouz@gmail.com