على رغم أن الدول العربية لم تعانِ في الحرب العالمية الأولى ويلات الحروب في الخنادق مثلما عانت أوروبا، إلا أن تلك الفترة التي تزامنت مع وضع مشروع سايكس - بيكو، الذي عمل على تقسيم العالم العربي وتوزيعه ما بين إنكلترا وفرنسا، بحيث يكون هناك نطاقان أحدهما تحت سيطرة النفوذ البريطاني متمثلاً في مصر والعراق وشرق الأردن وفلسطين. والآخر تحت سيطرة النفوذ الفرنسي، ويضم سورية ولبنان والمغرب. إضافة إلى وعد بلفور الذي يدعو إلى إقامة الدولة الصهيونية في فلسطين، ومن هنا كانت هذه الحرب أكبر كارثة عرفها العالم العربي، ومازلنا ندفع ثمنها حتى يومنا هذا. ومع أن الحرب العالمية الأولى، التي راح ضحيتها عشرات ومئات الألوف، لم تجرِ على ساحات العالم العربي، لكنّ ضحايا هذه الحرب وما بعدها من العرب كانوا أكثر عدداً بكثير، إذا وضعنا في الاعتبار نكبة اللاجئين من هذه الناحية، أعتقد أنه رغم أنّ هذه الحرب لم يُكتب عــــنها في الأدب العربي، أو على الأقل لم يكتب عنها عـــمل كبير مثل «كل شيء هادئ في الميدان الغربي» لأريك ماريا ريمارك (1929)، فإن ما كتب عمّا قاساه العالم الـــعربي، لاسيما في ما يتعلق بنكبة فلسطين وما تلاهـــا من نكبات، وصولاً إلى النكبة السورية الأخيرة، يعتبر من نتائج هذه الحرب على منطقتنا العربية. أعمال أدبية كثيرة تناولت المحن العربية المترتبة على وعد بلفور، وعلى تقسيم الدول العربية إلى أجزاء متناحرة. وتعتبر هذه الأعمال نتيجة مباشرة لما حدث في منطقتنا جرّاء الحرب العالمية الأولى.