كنا قد عتبنا كثيرا، قبل أيام، على محافظ مؤسسة النقد لعدم تجاوبها مع مطالباتنا المزمنة لها بإشعارنا أنها تقدم شيئا للمجتمع وتعمل من أجله، واليوم نتقدم باسم المجتمع المغيب معلوماتيا في اقتصاده بالشكر الجزيل للمحافظ الدكتور فهد المبارك على مبادرته بعقد مؤتمر إعلامي لتسليط الضوء على التقرير السنوي التاسع والأربعين للمؤسسة، وعفا الله عما سلف من التقارير السابقة على مدى 48 عاما، بشرط ألا يكون هذا المؤتمر بيضة الديك. المحافظ تحدث عن نسبة نمو الاقتصاد السعودي والتضخم، واستراتيجية تنويع الاحتياطات النقدية الأجنبية، والتصنيف الائتماني للمملكة، ومدى تأثر البنوك السعودية بالأزمة المالية العالمية، وحجم الاستثمارات الدولية للمملكة، وغيرها من الأمور الهامة التي تمثل عصب اقتصاد الوطن، ولكن لأن المواطن البسيط، وأغلبنا كذلك، لا يهمه سوى ما يعانيه، فقد استبشر الناس بالخبر الذي زفه المحافظ عن الشروع في احتساب الفوائد التناقصية على القروض، بحيث يتم تحصيلها على المتبقي من قيمة القرض وليس كامل قيمة القرض كما هو معمول به حاليا، وأن التطبيق سيتم خلال فترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر. هذه البشرى تستحق أن تقام لها الأفراح والليالي الملاح؛ لأن الناس غارقون في لجة القروض التي زينتها لهم البنوك بشروط جائرة تستغل أميتهم المصرفية وحاجاتهم القاصمة للمال الذي لن يحصلوا عليه من مصادر أخرى غيرها. ولكم أن تتصوروا ــ أيها القراء الكرام ــ أنه لو اقترض شخص مبلغ مئة ألف ريال بنسبة 2%، فإن حساب الفائدة التراكمية لمدة خمس سنوات ــ مثلا ــ سيكون 2000 ريال في السنة الأولى، لكنه يبقى ثابتا كما هو في السنة الثالثة والخامسة رغم نقصان أصل القرض، بينما بحساب الفائدة التناقصية سيكون 2000 ريال في السنة الأولى، و1200 ريال في السنة الثالثة، و400 ريال في السنة الخامسة، ولكم أن تلاحظوا الفرق الكبير بين النسبتين، وتتخيلوا كم سلبت البنوك من الناس بنظام فائدتها التسلطي المتجبر الذي قال عنه المتحدث الإعلامي للبنوك أنه في صالح المقترضين. لكن الأهم من القول هو الفعل، وكل رجائنا أن لا يتم تمطيط الأشهر الثلاثة أو الستة إلى أجل غير معلوم، والأهم الأهم هو ألا تنهزم المؤسسة أمام بارونات البنوك الذين سيزعجهم هذا القرار الذي نأمل أن يتم تطبيقه على المقترضين السابقين الذين أصبحوا ضحية الفائدة التراكمية.