لا يتردد أصحاب الفكر الظلامي والمتطرف في توظيف الدين لتشويه أي عمل فني يتميز بجرأته واختلافه، وعادة ما يسارعون الى مهاجمته تحت حجج واهية وباهتة وباطلة مثل احداث الفتنة والاعتداء على المقدسات وهو ما ينطبق على الفيلم المصري "مولانا". وشنت حركة "دافع" السلفية هجوماً على الكاتب الصحافي ابراهيم عيسى، ووصفته بصاحب الفتنة والمحارب للدين الإسلامي، ومشوه علماء الأمة الإسلامية، بسبب عرض فيلم "مولانا" المأخوذ من روايته الأخيرة. واعتبر نقاد ان الجماعة السلفية تؤلب المصريين على الفيلم الجديد بخطاب يستند على نظرية الحلال والحرام، وتسعى الى اقصاء كل مبدع ومثقف. وأوضحت مصادر بالحركة السلفية، أن بعض مشايخ التيار السلفي بالقاهرة في طريقهم لإعداد ملف كامل عن الفيلم وتقديم بلاغ للنائب العام المستشار نبيل صادق، لوقف عرض الفيلم، "لما يحمله من إساءات كبيرة ضد علماء الأمة"، على حد وصفهم. وقالت الحركة في بيان شديد اللهجة يحمل كلمات مهينة لاصحاب العمل: "قبل أن تقع الفأس في الرأس، وقبل أن تكون المصيبة، نطالبكم بسرعة التصدي إلى هذه "الفتنة" ووقف عرضها". وتابعت الحركة: "هذا مشخصاتي وممثل لأفلام ساقطة وهابطة، فيلم يعرّض الإمام للسخرية والضحك والاستهزاء من كل من هبّ ودبّ، ولا عجبَ فهو من تأليف إبراهيم عيسى المحارب للدين الإسلامي"- على حد زعمهم-. و"مولانا" من بطولة عمرو سعد، ودرة، وسيناريو وحوار إبراهيم عيسى، وإخراج مجدي أحمد علي، وبدأ عرضه الثلاثاء، ويتناول قضية تجديد الخطاب الديني. وقرر المنتج المصري محمد العدل طرح الفيلم في ديسمبر/كانون الأول بدور العرض المصرية. وبقي "مولانا" ينتظر الموعد المناسب لطرحه بعد عام كامل من انتهاء تصويره. وهو مأخوذ عن رواية للكاتب والصحافي المصري إبراهيم عيسى تحمل نفس الاسم، وتم ترشيحها لجائزة البوكر للرواية العربية. وتدور أحداث "مولانا" الذي يجدد التعاون بين المخرج وعمرو سعد بعد تعاونهما معاً في "مملكة الجبل" في إطار درامي اجتماعي حول شخص يدعى "مولانا" وهو متدين وعالم دين. ويُعد الشيخ حاتم الشناوي الملقب بـ"مولانا" في الرواية، الشخصية الرئيسية فيها. وتدور أحداثه حول "حاتم الشناوي" الذي يقدم برنامجا دينيا ناجحاً على إحدى القنوات الفضائية، ولكنه في نفس الوقت يعيش في صراع داخلي بين ما يراه في صحيح الدين وما يمكن أن يخبر به الناس. وعلى الجانب الاجتماعي يعيش علاقة متوترة مع زوجته، ويقابل صدفة فتاة مثيرة تقلب حياته. وأعرب مجدي أحمد علي مخرج فيلم "مولانا"،عن حزنه مما يثار حول الفيلم وتحسر على تقلص مساحة حرية الفكر وجلد المثقف وتكفيره. وتابع المخرج أنه مازلت هناك فئة من المجتمع لا تعترف بفكرة المواطنة وقبول الاخر واعتبر ان المساجد مليئة بالسباب والسموم الفكرية، واكد أن الطائفة السلفية لا بد أن تكره الفيلم حيث انتهى تفكيرهم منذ 1400 سنة. وأكد يوسف العقيد عضو في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أن "مولانا" يوجد حالياً داخل دور العرض ويجب أن يأخذ فرصته كاملة والحكم الأساسي للجمهور. بدورها دعت النائبة مرفت ميشيل عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، لفتح مساحات اكبر وأوسع لاستيعاب الأفكار المختلفة، مؤكدة إن الفن هو ما يميز مصر والمصرين على مر الزمان. وتابعت عضو لجنة الثقافة والإعلام:"إننا بحاجة إلى تجديد الخطاب الديني" . وأوضحت أن الفن لابد أن يتسم بالحرية فلا يجوز أن نمنع الفن ونجعله تحت رقابة، فالعالم أصبح قرية صغيرة. من جانبه قال الشيخ محمد كيلاني مدير عام المساجد الحكومية بوزارة الأوقاف، إن العلماء ليسوا فوق النقد ، ولا يجوز أن نعطى الموضوع اكبر من حجمه. وأكد كيلاني أن فيلم "مولانا" من الأعمال الفنية، وصاحبه له الحق في أن يبدي رأيه ووجهة نظره قد تحمل الصواب وقد تحمل الخطأ". وتتناول الرواية العديد من المواضيع، منها اشكاليات لها طابع اسلامي حول الحديث النبوي، والمعتزلة، والتشيع، وأهل الذمة، والإرهاب، وشيوخ الفضائيات. ويهاجم الفيلم المصري وفقا لصناعه في لقطات كثيرة جماعة الاخوان وينتقد بشدة الفتاوى المتشددة والتحريضية. ويحمل العمل العديد من الإسقاطات السياسية حول جماعة الاخوان وجنوحها للعنف منذ نشأتها، والطريقة المشبوهة في استقطاب عناصرها. واعتبر فنانون من نجوم الصف الاول ان الاخوان في مصر قبل مغادرتهم الحكم سعوا الى الحد من حرية التفكير والتعبير وقبر المواهب الفنية والقضاء على الابداع بمختلف اشكاله. وصور المخرج اغلب المشاهد في مساجد متفرقة بمنطقة القلعة، وفي الحي الريفي بمدينة الإنتاج الإعلامي والعجوزة والهرم. ونشر الفنان عمرو سعد على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي صورة له بملابس الشخصية التي يلعبها في فيلمه الجديد. وقال "الفيلم يعد أحد الأعمال الكبيرة التي تحمل رسالة هامة". ونشرت الفنانة التونسية درة عبر حسابها على موقع "إنستاغرام" صورة لها مرتدية الحجاب، وكتبت عليها "أميمة في فيلمي الجديد مولانا". وكان من المقرر أن تقدم رواية "مولانا السيد" في شكل مسلسل تلفزيوني في سنة 2013، الا انه تم تأجيل الفكرة بعد عرض فكرة مشابهة في مسلسل "الداعية" الذي انتقد بدوره التشدد الفكري والديني. وتلقى صناع مسلسل "الداعية"، الذي قام ببطولته هاني سلامة وبسمة، ومن تأليف مدحت العدل، وإخراج محمد جمال العدل، دعوى قضائية طالبت بوقفه ومنع عرضه بداعي تعرضه لجماعة الإخوان والإساءة إليها.