شهدت مصر منذ دخول الفاطميين إليها العديد من الأزمات الاقتصادية الطاحنة، والتي تعددت أسبابها ما بين أسباب طبيعية مثل فيضان النيل الذي كان له الدور الأكبر في تلك الأزمات، وما بين أسباب غير طبيعية كانت تنتج في بعض الأحيان عن ضعف السلطة المركزية، وقد أثرت هذه الأزمات بشكل كبير على الأسعار، خاصة أسعار السلع الغذائية التي كان الإنسان في احتياج لها يومياً لسد حاجته من الطعام، فكان كل من الطبقة الوسطى والدنيا في صراع دائم من أجل الحصول على نفقاتهم المعيشية. في حين أن الطبقة الحاكمة ورجالها عاشوا في ترف وبذخ دائم، ولم تكن تتأثر بتلك الأزمات الاقتصادية إلا في القليل النادر، وبناء على ذلك جاء هذا الكتاب وعنوانه حكاية الأجور والأسعار في العصر الفاطمي للدكتورة سهر سيد دسوقي، وهي ترصد من خلاله الأجور والأسعار في مصر في تلك الحقبة الزمنية التي امتدت لنحو قرنين من الزمان (358-567 هجرية) عاش خلالهما المجتمع المصري فترات ما بين الرخاء والقحط. وقد انعكس ذلك على السلع التي تعرضت للاحتكار من قبل التجار ليتحكموا في أسعارها، فحاولت الدولة الفاطمية ضبط الأسواق حتى تستقر أسعار السلع المختلفة من خلال المحتسب الذي كان يراقب جميع الأسواق، وقد انعكست الأزمات الاقتصادية على المجتمع المصري نتيجة الفقر وشدة الاحتياج بزيادة الجرائم حتى يسد هؤلاء رمقهم.