أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، بإنجازات إدارته المنتهية ولايتها، وذلك في رسالة إلى الشعب الأميركي دافع فيها عن إرثه في الرعاية الصحية، وغيرها من القضايا التي توعد دونالد ترامب الذي سيخلفه بإلغائها. ونشر البيت الأبيض رسالة الرئيس، إضافة لتقارير من كل واحد من وزرائه تصف التقدم الذي تم إحرازه منذ تولي أوباما الرئاسة قبل 8 سنوات، عندما كانت البلاد التي تملك أكبر اقتصاد في العالم تتجه نحو الركود. وقال أوباما: «فيما أستعد لتسليم الراية والبدء في أداء واجباتي كمواطن عادي، أقول بفخر إننا أرسينا أسسا جديدة للولايات المتحدة». وتحدث عن النهوض في الاقتصاد الأميركي، وخفض كثير القوات الأميركية في أفغانستان والعراق، والانخفاض الكبير في الاعتماد على النفط المستورد، والتوصل إلى اتفاق باريس حول التغير المناخي. ولكن أوباما وضع على رأس قائمته «قانون الرعاية الصحية المنخفضة التكلفة»، وهو برنامج إصلاح الرعاية الصحية البارز الذي يفتخر به أوباما الديمقراطي، بينما توعد الجمهوري ترامب بإلغائه. من جهته، وصف الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أمس، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بـ«المهرج»، الذي يتصرف كسياسي عادي، إلا أنه دعاه إلى التعاون مع الجمهوريين. وفي أحدث تغريداته، هاجم ترامب شومر بعد أن كان أشاد به في السابق، وسط ازدياد الجدل حول برنامج الرعاية الصحية (أوباما كير). وقال ترامب في سلسلة من التغريدات: «الديمقراطيون وعلى رأسهم المهرج تشاك شومر، يعلمون كم هو سيئ برنامج (أوباما كير)، والفوضى التي يغرقون فيها». وأضاف: «بدلا من العمل على إصلاحه، فإنهم يفعلون الشيء المعتاد في السياسة، وهو اللوم. الحقيقة هي أن (أوباما كير) هو كذبة من البداية... حان الوقت لكي يعمل الجمهوريون والديمقراطيون معا والخروج بخطة رعاية صحية مفيدة فعلا، وبالتأكيد ليست باهظة، وأفضل بكثير» من «أوباما كير». وفي آخر محاولة لإنقاذ برنامجه الصحي، التقى أوباما مع عدد من الديمقراطيين، صباح أول من أمس، لبحث سبل مواجهة حملة الجمهوريين لإلغاء «أوباما كير». في المقابل، اجتمع نائب الرئيس المنتخب مايك بنس مع المشرعين الجمهوريين لمناقشة أفضل السبل لإلغاء قانون «أوباما كير» واستبدال آخر به. وقال النائب الديمقراطي ماكسين ووتررز للصحافيين، صباح الأربعاء، إن أوباما ركز في اجتماعه على تسليط الضوء على فوائد البرنامج والأميركيين الذين استفادوا من القانون، وعواقب إلغاء القانون، وترك ملايين الأميركيين دون تأمين صحي. كما طالب الأعضاء الديمقراطيين بالتمسك بالقانون، ومواجهة ضغوط الجمهوريين، وشدّد الرئيس الأميركي على أن الناخبين سيعاقبون المشرعين الجمهوريين إذا أقدموا على إلغاء القانون. في المقابل، هاجم الجمهوريون القانون واتهموا أوباما بالحرص على مصلحته وإرثه التاريخي أكثر من الاهتمام بمصالح الأميركيين. وفي مؤتمر صحافي عقب اجتماع المشرعين الجمهوريين، شدد نائب الرئيس المنتخب مايك بنس على أن الرئيس المنتخب ترامب سيفي بوعده بإلغاء قانون «أوباما كير» المعيب، وبدء عملية انتقالية وتنفيذ أجندة تنفيذية للعملية الانتقالية التي يتم خلالها إصلاح نظام الرعاية الصحية وتقديم أفكار جديدة، بدلا من نظام «أوباما كير». فيما كرر بول رايان رئيس مجلس النواب أن قانون «أوباما كير» فاشل، وأن تكلفة الرعاية الصحية في ظل القانون زادت بنسبة 25 في المائة على الأميركيين، وأن كل الوعود التي وعدها أوباما بخفض أسعار الرعاية الصحية وتوفير خيارات متعددة فشل في تنفيذها. وقال رايان: «ليس أمامنا سوى خيار واحد، هو التصرف لحل المشكلة وإلغاء القانون». وأشار النائب الجمهوري كريس كولينز إلى أن الجمهوريين يتطلعون لصياغة مشروع قانون لاستبدال أوباما كير في غضون 6 أشهر. ويعد قانون «أوباما كير» أحد أبرز الإنجازات التشريعية التي حققها الرئيس الأميركي خلال 8 سنوات هي فترة ولايته، وإرثه التاريخي الذي يتركه بعد مغادرته للبيت الأبيض. ويقول المحللون إن خطط الرئيس أوباما لفترة ما بعد تركه البيت الأبيض ستتغير مع مجيء ترامب، حيث سيكون على أوباما حماية إنجازاته في مواجهة خطوات الإدارة المقبلة للتشكيك ونزع الشرعية عن هذه الإنجازات التي تنحصر خارجيا في صفقة البرنامج النووي الإيراني، والانفتاح مع كوبا، واتفاقية تغيير المناخ، وداخليا في قانون «أوباما كير» للرعاية الصحية. ويواجه المشرعون كثيرًا من الأسئلة حول تفاصيل إلغاء القانون وتكلفة إلغائه، وتوقيت الإلغاء الذي من المرجح أن يستغرق شهورا. وكان الجمهوريون قد قاموا بعدة خطوات أولية في طريق إلغاء قانون الرعاية الصحية، وقدموا يوم الثلاثاء الماضي مشروع قانون للميزانية يسمح للأغلبية الجمهورية بإلغاء جوانب كبيرة من القانون الذي يوفر التأمين الصحي لنحو 20 مليون أميركي بأسعار معقولة، لكن يشوبه كثير من العيوب التي انتقدها بشدة ترامب أثناء حملته الانتخابية، واعدا بإلغاء القانون. ويتضمن مشروع القانون إجراءات برلمانية من شأنها أن تمنع الأقلية الديمقراطية من استخدام حق التعطيل (فليبستر) في مجلس الشيوخ ضد إلغاء «أوباما كير». ويسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ بفارق 52 عضوا جمهوريا، مقابل 48 عضوا ديمقراطيا. ويتطلب الأمر 60 صوتا من إجمالي 100 في مجلس الشيوخ لمنع استخدام حق التعطيل، وبالتالي المضي قدما في إلغاء القانون. ولم يعلن الجمهوريون في الكونغرس، حتى الآن، عن التوصل لاتفاق حول البديل لبرنامج «أوباما كير»، مع مخاوف من تجريد ملايين الأميركيين من برامج الرعاية الصحية وفقا لقانون «أوباما كير»، دون وجود خطة بديلة، فيما تتصاعد الانتقادات من إدارة أوباما والأعضاء الديمقراطيين حول فكرة الإلغاء وتبديل القانون بقانون آخر. واكتفى الجمهوريون بالإشارة إلى أن لديهم كثيرًا من الأفكار التي تتم دراستها لتبديل القانون. وقد أعلن مكتب الموازنة بالكونغرس (المسؤول عن الميزانية الاتحادية الأميركية)، أن الإلغاء الكامل لقانون «أوباما كير» تصل تكلفته إلى 350 مليار دولار، تضاف إلى عجز الموازنة الاتحادية على مدى 10 سنوات، ويرجع ذلك إلى أن حجم الاستقطاعات المالية للبرنامج وزيادات الضرائب لتمويل القانون، تتجاوز الأموال المنفقة لتوسيع نطاق التغطية للمؤمن عليهم.