ما أن يهل ّعام هجري أو عام ميلادي جديد إلا ويظهر للملأ ظواهر سلبية بدأت تأخذ بالازدياد عاماً بعد عام، ويزداد أيضاً كثرة المتعلقين بما يدعيه بعض المنجمين والمشعوذين ممن يقال أنهم يتنبؤون بما سيجري من أحداث خلال هذا العام الجديد، والتنجيم بلاء قديم يستخدم أصحابه علم التنجيم والتأثير، ويذكرون أنه سيحدثُ كذا وكذا، ويذكر البعض منهم أنهم يستدلُّون بحركة النجوم على حال الأرض وحال الناس، وما يخبر به الكاهن من أخبار سماوية ومستقبلية فالغالب عليه فيها الكذب، وما يَصْدُق منها إما أن يكون على سبيل المصادفة، وإما أن يكون مما يتلقاه عن مسترق السمع، فيكذب معه مئة كذبة، كما جاء في الحديث الصحيح أن مسترق السمع يسمع الكلمة من السماء فيلقيها إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فيكذب معها مئة كذبة، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فيُصدَّق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء. لقد أسهم في ظهورهم وزيادة انتشارهم في الآونة الأخيرة الفضائيات والتقنية الحديثة، وهناك من علّق آماله وأحلامه على ما يقوله هؤلاء من أكاذيب وإدعاء بل ويترقبون ذلك ثم يروجون لهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل ذلك القنوات الفضائية التي تبث الدعايات والإعلانات التي تقدم لهؤلاء وبرامجهم قبل ظهورها لتكسب المزيد من المتابعين والمعلنين الذين يحرصون على نشر إعلاناتهم في أوقات بث هذه البرامج. إن الاستغفال الذي تمارسه القنوات الفضائية ويمارسه هؤلاء الدجالون ما كان ليستمر بل ويزداد لو أن المشاهد كان لديه المزيد من الإيمان والوعي، فالموضوع بالدرجة الأولى قضية إيمانية فعلم الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، ولو تفشى هذا الأمر في بلدان العالم فظهوره غير مستغرب ولكن ظهوره في بلدان المسلمين من الكوارث ذلك أن فيه مخالفة شرعية كبيرة فقد قال الله تعالى:{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ})، وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ }، وقال سبحانه: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} وهؤلاء يدعون علم الغيب الذي لا يعلمه إلارب العالمين وهذا كفر بمن يعتقد في نفسه علم الغيب، ومن يصدق هؤلاء وبما يقولونه فهو على خطر عظيم لأنه من باب تصديق الكهنة والعرافين وزر للمسلم أن يذهب للسحرة أو الكهان والمشعوذين والعرافين، فمن ذهب لعراف أو كاهن ولو مُجرّد سؤال، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة». رواه مسلم، ويندرج في ذلك من يتصل ببرامج العرافين والكهنة في القنوات الفضائية.