×
محافظة الرياض

أمير الرياض يدشن مشروعات بمحافظتي القويعية والمزاحمية

صورة الخبر

أنهى دراسته الجامعية ثم التحق بإحدى شركات القطاع الخاص، حضر في يومه الأول مبكراً مستعداً لبداية مرحلة جديدة من حياته، لديه طموح وأمل، يود تطبيق ما تلقاه على مقاعد الدراسة الجامعية على أرض الواقع، يدخل مقر عمله يتعرف على زملاء مهنته، يبتسم لهم، فيُقابل بذات الابتسامة شكلياً، بعدها يجتمع برئيس قسمه، فيخبره بما له وما عليه، ثم يأخذه لفريق عمله، ويوصيهم فيه خيراً -من باب المجاملة- ثم يغادر، عندها يبدأ الموظف السعودي الجديد بالحديث مع أقرانه الوافدين. يحادثهم بلطف ووقار؛ عله يكسب ودهم، فتنشأ بينهم علاقة طيبة يسودها التعاون، وروح عمل الفريق الذي جلب فكرته من جامعته. يسألهم عن طبيعة العمل وما يتطلبه من مهارات، فيردون عليه بكل احترام إلا أنهم يشعرونه أن العمل في شركتهم ممل، والموظف لا يحصل على حقوقه، وفي ذات السياق يقترحون عليه البحث عن مصدر رزق آخر. هكذا ينتهي يوم العمل الأول، وفي الغد أخذ السعودي يسأل عن كيفية البداية، فأُعطي كتباً ومراجع لا نهاية لها، وأُخبر أنه بعد إتمام قراءتها سوف تُسند إليه بعض المهام. أخذ يقرأ دون توجيه لما يهم، وهنا بدأت أول معضلاته؛ إذ أنه حينما يريد استيضاح أمر ما واجهه لا يجد من يساعده، فالكل يتهرب وإن استمع إليه أحد فإن الجواب مجرد رد عابر. المفاجأة أنه اكتشف فيما بعد أنه ليس بحاجة لما أعطي من كتب وأن ما يحتاجه قوانين ومعادلات يمكن الرجوع لها بسهولة وقت الحاجة، وقد أعطي ذلك لإشغاله بأمر لا فائدة منه..، المهم بعد أن اطلع على محتوى كتبه، عاد يبحث عن عمل ينجزه، فلم يجد من يأخذ بيده، وبعد يئس، ذهب لرئيس قسمه –الوافد- فأوكل مهمة إشراكه في العمل لأحد زملائه، الذي وجد أن ابتسامته قد اختفت وطريقة تعامله اختلفت، لكن مع ذلك أكمل السعودي مسيرته وكأنه لا يعلم ما تخفي الصدور. استقبل بعض المهام بيد أنه اكتشف بعد مدة أنها هامشية وروتينية، وبعضها أعمال قديمة انتهى زمنها، حاول أن يغير واقعه دون جدوى، ثم عنت له فكرة الاستنجاد بطرف سعودي وهو مدير الموارد البشرية، جلس معه وشرح له ما حدث، فوعده بأن لا يقلق فكل شيء سوف يعاد ترتيبه، لكن الأيام برهنت له أن من استنجد به لا يملك له ضرا ولا نفعا. بعد أن طفح الكيل، طرق باب المدير العام وهو أيضاً غير سعودي، وعقب جلسة مختصرة اتصل على رئيس القسم، وطلب منه إعطاء السعودي فرصة لأداء بعض الأعمال، وهنا بدأت معاناة من نوع آخر لم تخطر على باله؛ تتلخص في أنه حينما يسأل لا يجد إجابة وافية، وذلك لهدف إيقاعه في الحرج، فإما أن يتلقى إجابة غير صحيحة؛ فيكمل عمله على أساسها؛ وبالتالي يُكشف أمره أمام الملأ وقت تسليم المهمة؛ لإيصال رسالة مفادها أن السعودي لا يصلح للعمل، أو أن يتلكأ المشرف عليه بالإجابة ويؤجلها يوما أو أكثر، لتمرير معلومة لرئيس القسم بأن هذا الموظف غير كفأ، ولا يعتمد عليه. وبعد تفاصيل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، أدرك الموظف السعودي أن الوافدين له بالمرصاد، وأنه يُعتبر عدو لابد من مواجهته؛ لئلا يطور من نفسه فيزيح أحدهم من منصبه، كما أدرك أن الوافدين أحزاب قد يتناحرون فيما بينهم لكنهم جميعا متفقين على مواجهة السعودي، فمهما حاول لن يجد طريقا سالكا أمامه، فالمدير العام وافد، ورئيس قسمه وافد، ومن يعملون بجانبه وافدون. ومما أثار استغراب هذا الموظف التعيس أن السعودة التي كان يسمع عنها لا تعدو كونها رقم؛ لتسهيل عمل المنشآت الخاصة، وأنه يتم استقطاب سعوديين بدون مؤهلات تذكر كي يبقوا في مستويات متدنية مدة بقائهم في المؤسسة أو الشركة، كما تبين له أنه لا يوجد تدريب ولا تأهيل، وحتى المبالغ التي ترصدها الموارد البشرية للتدريب لا يستطيع الاستفادة منها، وزد على ذلك تدني مستوى الراتب والحوافز التي تقل كثيرا عن زميله الوافد. وفي نهاية هذه الحكاية المختصرة التي تمثل حكايات آلاف السعوديين، أوجه رسالة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية الجديد، مفادها أن السعودي أولى من غيره داخل وطنه، فإن أردتم القضاء على السعودة الوهمية حقاً، فاجعلوا بدايتكم من سعودة مديري الشركات الخاصة، وأعني بذلك سعودة حقيقية لا صورية، ومن ثم رؤساء الأقسام؛ لأن بداية الإصلاح تبدأ من قمة الهرم. خطوة كهذه تزيد نسبة السعودة تلقائيا؛ كون المدير السعودي يهمه وطنه ومستقبل شبابه. وفي هذا المضمار نذكر أننا متجهين لرؤية 2030 التي يتطلب تحقيقها أرقاما واقعية، ما الفائدة من تناقل الإعلام خبر توظيف مليون سعودي في القطاع الخاص مثلا، وهم غير فاعلين، ولا توجد جهة ترعاهم وتتابع مسارهم، وفي هذا الصدد المرجو من رجال الأعمال ألا يتعاملوا مع السعودة وكأنهم مجبرين عليها؛ بل عليهم رد الجميل للوطن