الجزائر: بوعلام غمراسة عبر الرئيس الجزائري السابق الجنرال ليامين زروال (1994 - 1998)، ضمنا، عن معارضته ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة المنتظرة في 17 من الشهر المقبل. وانتقد زروال التعديل الذي أدخله بوتفليقة على الدستور في 2008، خاصة ما تعلق بإلغاء ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين، وهي مادة دستورية وضعها زروال في الدستور عام 1996 بذريعة «تكريس التداول على السلطة». وأصدر زروال وثيقة أمس، وزعها على صحف محلية، عرض فيها رأيه في الكثير من القضايا على خلفية انتخابات الرئاسة، بعد صمت دام خمس سنوات. وأهم ما جاء فيها حديثه بشكل غير مباشر عن حالة بوتفليقة الصحية، إذ قال زروال «شكل الانتخاب الرئاسي دوما لحظة قوية في حياة الأمة وحدثا أساسيا بالنسبة للمصير الوطني، فالأمر (الترشح للانتخابات) يعد شرفا عظيما بقدر ما يعد مهمة ثقيلة ودقيقة سواء من الناحية المعنوية أم من الناحية البدنية، لكل من يتطلع إلى الارتقاء إلى منصب القاضي الأول في البلاد». ويفهم من كلام زروال أنه يعتقد أن بوتفليقة لا يملك كامل القدرات البدنية للوفاء بأعباء تسيير الدولة. وتثير صحة الرئيس جدلا حادا في البلاد، منذ إصابته بجلطة في الدماغ نهاية أبريل (نيسان) الماضي. ولم يترشح بوتفليقة بنفسه للانتخابات، وإنما رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال هو من نقل عنه رغبته الاستمرار في الحكم. وأضاف زروال بخصوص صحة الرئيس، من دون ذكره بالاسم «لكي تؤدى هذه المهمة أداء مشرفا، يتطلب أن تحاط بجملة من الشروط ومنها خصوصا تلك التي يمليها الدستور رسميا، وتلك التي تفرضها قواعد الأخلاق البروتوكولية المرتبطة بممارسة الوظيفية». ويلزم الدستور المترشح للرئاسة، وضع شهادة طبية في ملف الترشح صادرة عن أطباء محلفين يؤكدون أن الراغب في قيادة البلاد يتمتع بصحة جيدة. وعندما ساقها زروال في سياق حديثه عن شروط الدستور بخصوص مسألة الترشح، فهو يقصد أن بوتفليقة عاجز بدنيا عن الاستمرار في الحكم. كما أنه يرى أن ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة، تصرف «غير أخلاقي». يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة مقعد منذ عام تقريبا، ولم يخاطب الجزائريين منذ 22 شهرا. وقال زروال، 75 سنة، إن التغيير الدستوري الذي جرى في خريف عام 2008 «لا سيما تعديل المادة 74 منه المتعلقة بتحديد العهدات (الولايات) الرئاسية، في عهدتين، أدى بشكل عميق إلى تعكير النقلة النوعية التي كان يقتضيها التداول على السلطة وحرمت مسار التقويم الوطني من تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية». ويفهم من هذا الكلام، أيضا، أن بوتفليقة حال دون انتقال السلطة ديمقراطيا لرئيس آخر عندما عدل الدستور، فاتحا لنفسه باب البقاء في الحكم مدى الحياة. وعدل زروال الدستور عام 1996، واستحدث مادة تمنع الترشح لأكثر من ولايتين، ما أكسبه تعاطف ملايين الجزائريين. وبعدها بعامين استقال من منصبه، بحجة أنه يريد «التمكين للتداول على السلطة»، ونظم انتخابات مبكرة في 1999 أفرزت فوز الرئيس بوتفليقة. غير أن «دستور زروال» لا يوجد فيه «انتخابات مبكرة»، في حال استقال الرئيس، وإنما ينص على تولي رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، الرئاسة مؤقتا لغاية انتخاب رئيس جديد في اقتراع ينظم في غضون 45 يوما. يشار إلى أن زروال لا يحضر أبدا الاحتفالات الرسمية كالأعياد الوطنية والدينية، التي يدعوه بوتفليقة إلى حضورها. وعد ذلك موقفا سلبيا منه تجاه الرئيس. وأفاد زروال بأن «ما يحز في نفسي هو أن المؤسسة العسكرية، تعرضت أخيرا لهجمة لاذعة ومؤسفة لا طائل من ورائها سوى إضعاف جهازي الدفاع والأمن الوطنيين، وفتح الباب أمام المخاطر المتعددة التي تحدق بالجزائر»، في إشارة إلى هجوم حاد شنه عمار سعداني أمين عام «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية برلمانية)، مطلع الشهر الماضي، على قائد جهاز المخابرات العسكرية الفريق محمد مدين (توفيق)، إذ اتهمه بـ«الفشل في مهامه الأمنية»، ودعاه إلى الاستقالة. وأشيع حينها أن مدين يعارض استمرار بوتفليقة في الحكم، على أساس أن سعداني هو أحد رجال الرئيس الأوفياء.