ـ في كل زفة فرح لثورة أو زعيم أو حتى حراك شعبي مستحق؛ أتذكر كيف أن الجماهير المنساقة والمتعطشة دائماً للحظة كرامة وانعتاق، لم تتنبه لديكتاتورية عبدالناصر وهزائمه ومعتقلاته إلا بعد خراب مالطا، وكيف أنها واصلت التصفيق له حتى النهاية؟!، وبكل تأكيد فالجماهير العربية لم تتغير حتى الآن، إنها مأساة عقل!. ـ قريب من هذا ما يحدث اليوم، فهناك من لا يريد أن يصدق حتى اللحظة أن ثمة أيد غير بريئة تجلس في أقصى العالم، تخطط لما هو أبعد وأكثر كارثية مما شاهدناه في العامين الماضيين، وبما يتجاوز حتى مسألة وصول الإسلاميين إلى الحكم، وهذا ليس تشاؤماً أو قناعة راسخة بفكر المؤامرة، لكن انظروا حولكم فقط. اسألوا أنفسكم هذه الأسئلة البسيطة جداً والمبدئية الفهم: لماذا لم تنجح الثورات العربية؟، لماذا، حتى اللحظة، لم يُسمح للشعب السوري بإسقاط القاتل بشار مع أنه أكثر طغياناً وانكشافاً من كل الذين ذهبوا؟، لماذا هذه الموجة التصحيحية الثانية في مصر وقريباً في تونس؟، هل لأن الإسلاميين فشلوا أو فُشِّلوا؟!، أم لأن المطلوب هو حالة إنهاك كبرى لا ينجو منها بلد عربي تمهيداً لما يريده المخطِط الكبير؟!. ـ جميعهم ثاروا سخطاً على العسكر، وها هم يتمنون وجودهم في كل بلد ثائر كي يعود الأمن، وحينما يعودون ويعود القمع تبدأ الشكوى من جديد كما حدث في مصر، وهكذا إلى ما لا نهاية، فهل يمكن أن يكون كل هذا بمحض الصدفة؟!، أشك في ذلك. ـ أرجوكم لا تسألوا الفئران عن حظها العاثر الذي أوقعها في المصيدة، بل اسألوا المشرف على المختبر، فهناك كامل القصة، وأعتقد أن العالم العربي كان دائماً هو المختبر المثالي لمئات التجارب فلماذا ينجو هذه المرة؟!، لا تزال الرحلة طويلة ومليئة بالدم والكوارث، وما نحن الآن إلا في إرهاصاتها الأولى!.