×
محافظة المنطقة الشرقية

«التسليف» يسمح بإلغاء الطلبات السابقة للقروض للاستفادة من اللائحة الجديدة #السعودية

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي لم نُولَد شياطين ولن نموتَ ملائكة، ولسنا نعيش في ديارنا على شطر من أرض الجنة، ولا يوجد دليل على توريث المعاصي أو الفساد، وبيننا وبين الجنة مسافة أقصر بكثير منها إلى النار، وهي حظوظ مماثلة لحراس الفضيلة، الجائلين بسياراتهم وأقدامهم بيننا بحثاً عن نسل الشيطان. تعددت صيغ الاستغفار توافقاً مع تعدد أصناف الخطايا، وهي أكثر من صيغ «الحمد» - وفق قناعتي -، وأتينا إلى الأرض بجريرة خطيئة، مسبوقين إليها بأقوام سفكوا الدماء فيها وأفسدوا، فهذا كوكب مسكون بالخطيئة قبلنا، لم ينجح ملائكة ولا أنبياء بتطهيره ولن يفلح المحتسبون حتى لو حكموا الماء واليابسة والهواء، وكان في زمن الرسول زناة، مخمورون، منافقون، معتنقو أديان غير الإسلام، ثم يريدنا الحرس الجديد للعقيدة بعد 14 قرناً أن نعيش أفضل من أولئك. يمارس محاربو الخطيئة خطايا التجسس، التربص، ووزر الشك، بينما الخطيئة الأكبر تكمن في ابتزاز أصحاب الخطايا للإيقاع بغيرهم، أحد النماذج إجبار فتيات الهوى على إغواء تجار وأصحاب مناصب لأن قناعة المحاربون الجدد تتمحور حول يقين فساد عقيدة أهل المال والكراسي، وكأن الفقر دليل إيمان، وكأن الثراء دليل خروج عن الملة. تجول سيارات الحسبة في المدن عامة ولاسيما جدة، وأقدامهم عند مطاعم فاخرة، ومقاهي عائلية ساهرة، كذلك أسواق، متباعدين عن أحياء فقيرة وبيئات كثيرة موبوءة بالمفاسد، نراهم ليلاً عند إشارات المرور والشواطئ باعة، ولا نعلم عن نهاراتهم إلا وهم سباتهم، ويقين أنهم في أحضان مافيا تحلب أعمارهم، مستقبلهم، وربما أجسادهم إذا سكنتها شياطين الإغراء. تدجنت ثقافة الحسبة أخيراً على صيد العشاق، يحدث أحياناً مداهمة أزواج في حال عشق دائم، وكأن تدليلنا لنسائنا جريمة، أو ثمة قانون يمنعنا من ذلك في سياراتنا أو أماكن عامة، حتى بات فتح باب السيارة لها قبل صعودها أو نزولها إشارة على علاقة محرمة، أما إن حدث «تغنيج» فإن المارة أو الجالسين بالجوار يعتبرونه عاراً يستوجب استغفاراً أو اتصالاً على أرقام وزعتها الحسبة بنية حض العامة على ممارسة أدوار حسبوية ضد العامة. يجول بيننا شواذ - واضحو المعالم - في أسواق، أو زوايا باتت مرتعاً لهم، وبينهم غرام مع ملحقاته، لا صائد لهم، ولا ناهر، عدا همهمات بحجم «الله لا يبلانا»، أو شتائم غير مسموعة، بينما لا يزال معظم قناصي الخطايا متمسكين بالقبض على فلان وفلانة. يشكل «فلان وفلانة» جيشاً من أمة ناقصة الحظوظ في منح كل فرد مساحة لتحقيق ذاته تعليمياً، وظيفياً، أدبياً، فنياً، أو في مجالات البحث العلمي، لأن قدرهم ورطهم في تصنيف المجتمعات الاستهلاكية، الوقت سلعة وافرة، لا استهلاك لها في أمتنا أكثر من اللهو، وفي بعض اللهو غلو، ولا أجد باباً أوسع من محاربة الرذائل أكبر من الفراغ.. أيُقبَض عليه احتساباً أم تنمية؟     jeddah9000@hotmail.com