المشهد في قلب بيروت دليل على الأوضاع السياحية الجيدة التي يعيشها لبنان. فعلى ما يبدو أن الاسترخاء السياسي فعل فعله، وبدّل مشهد المدينة. فبيروت التي انعكس التوافق السياسي فيها استقراراً وأمناً، عقب انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، بعد سنوات من الكباش والتوتر، تَبدّل مشهد مطارها وشوارعها ومرافقها وباتت محط أنظار السياح العرب عموماً والخليجيين خصوصاً. والبقعة الخالية من روادها بعدما أغلقت أبوابها أمام شبح الإفلاس، تأمل الآن خيراً من الحركة في السوق التجارية القريبة منها. لا شك في أن زينة الأعياد في مناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة تمنح الأحياء الداخلية للعاصمة، أجواء عامرة بالألوان والفرح، لكنها لم تكن تكفي وحدها لإعادة السياح إليها. هذه المرة وجدت الزينة صداها في نفوس الزوار، القادمين لقضاء عطلة الأعياد، بعدما أطفأ الاستقرار السياسي هاجس الخوف الأمني. محمد الأنصاري (مواطن سعودي) الذي استمتع طوال نهار الجمعة بمشهد الذهب الأبيض الذي غطى قمم منطقة الزعرور (قضاء المتن الشمالي)، واحدة من عناوين السياحة الشتوية، ينتظر بفارغ الصبر فتح حلبات التزلج لممارسة رياضته المفضّلة. ويؤكد أنه «لو لم يجد أمناً لما قدم مع رفيقيه لتمضية إجازتهم في لبنان التي تستمر حتى مطلع السنة المقبلة». يقاطعه رفيقه فهد العنزي ناقلاً عن أصدقائه في السعودية عندما علموا بقدومهم إلى لبنان قولهم «إننا مجانين»، مستغرباً «كيف أن الإعلام يبالغ في تغطيته الأحداث ويضخّم الأمور بحيث تكون هناك عملية صغيرة يكبرها ويبالغ فيها، ونحن رأينا أن الأمور جيدة وليست بهذا السوء، وليس من داع للمبالغة في تغطية الحوادث مباشرة فهي تجعل الإنسان يتراجع عن المجيء إلى لبنان». وشدد على أن «أحد الأسباب الرئيسية لقدومنا إلى لبنان هو انتخاب رئيس وتشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ما يدل على أن وضع البلد مستقر إذ لا أمن في بلد بلا حاكم». وزاد زميله خالد أبو بشيت: «الهدف من الزيارة أن نطمئن الشعب الخليجي كله ولا سيما السعودي إلى أن هناك أماناً في لبنان»، مشيراً إلى أن «الإعلام اللبناني مؤثر جداً، ونتمنى أن يكون هناك تركيز منه على الجمال الذي رأيناه في المناطق». وقال: «لم آت إلى لبنان منذ 4 سنوات، ولاحظت الفرق، إذ نلتقي بسياح من مختلف الدول العربية وخصوصاً من مصر والكويت»، مشيراً إلى أن «الطائرة التي أقلَّتنا كانت ممتلئة. وقبل مجيئنا أجرينا اتصالات بكثير من الفنادق للحجز ووجدنا صعوبة في إيجاد أماكن شاغرة». وشدد على «أننا توسمنا خيراً بتعيين قائم بأعمال جديد للسفارة السعودية، أشعرنا ذلك براحة أكبر». رأي أبو بشيت لا يختلف كثيراً عن رأي فيصل المواطن السعودي الذي أتى إلى لبنان قبل 10 أيام ويرى أن «استقرار الوضعين السياسي والأمني هو أكثر ما شجعه إلى المجيء»، مستغرباً ما تسوّق له بعض وسائل الإعلام في ما خص الوضع الأمني. ويرى أن «الوضع جيد». من البحرين والكويت ومصر فوزية علي رضا من البحرين التي لا تستثني مناسبة إلا وتمضيها في «بيروت سويسرا الشرق»، تلفت إلى أنها «اعتادت على مشاكل لبنان السياسية والأمنية كشعبه الطيّب والمضياف إلا أن أزمة النفايات التي املأت الشوارع أثارت اهتمامي قبل مجيئي، فصحة الإنسان تعلو كل اعتبار، وتراخي المسؤولين في اتخاذ التدابير أدى إلى تدهور بيئي وأولى الأسئلة التي طرحتها على صديقتي اللبنانية تعلّقت بهذه الأزمة». وقالت: «لبنان بلدنا الثاني، لي ذكريات جميلة فيه فأنا درست في الجامعة الأميركية في بيروت». أما إبراهيم المواطن الكويتي الذي قدم إلى لبنان مع عائلته فيعتبر أن «توافق القوى السياسية في لبنان كان عاملاً مشجعاً لمجيئنا إلى لبنان الذي لم نزره منذ 5 سنوات وما زاد في اطمئناننا الوجود المكثّف للقوى الأمنية حيث نتواجد». ولم تلاحظ زوجته أريج ارتفاعاً في الأسعار واصفة إياها بـ «الجيدة على عكس الأسعار في الدول الأوروبية». وكانت المواطنة المصرية نسرين أبو الليل على تواصل دائم طوال السنة مع السائق الذي يجول بعائلتها في المناطق اللبنانية عادة وهو الذي شجعهم على المجيء بعدما أخبرهم عن تحسّن الأوضاع. وتؤكد أن «الطائرة التي أقلتها وعائلتها إلى بيروت كانت ممتلئة بالمصريين». وتلاحظ نسرين التي أتت إلى لبنان قبل عام، الفرق من ناحية حركة السوق والمطاعم وزينة الأعياد والفرحة على وجوه اللبنانيين والسياح، متمنية أن «يسود الأمن والاستقرار مصر في السنة الجديدة».