×
محافظة المنطقة الشرقية

«إطعام» تشارك في مهرجان ربيع الجبيل الثاني

صورة الخبر

كما نعرف جميعًا فإنَّ الأزمة الماليَّة العالميَّة في عام 2008 كانت شرارتها الأولى انهيار أسعار العقارات في الولايات المتحدة التي تسببت في خسائر فادحة للبنوك بسبب القروض العقارية متدنية الملاءة أو ما يسمى بـ subprime mortgages. وفي ظلِّ الارتفاع الحالي لأسعار العقارات قد يتخوف البعض من أن تتسبب إجراءات مُعيَّنة قد تتخذ، كفرض رسوم على الأراضي مثلاً، في تراجعٍ حادٍ في الأسعار يجرنا إلى أزمة مماثلة للأزمة التي حدثت في العديد من دول العام عام 2008م، التي لا زالت معظمها غير قادرة على تجاوز آثارها رغم مرور ما يزيد على خمس سنوات على هذه الأزمة. والحقيقة أن من يعتقد ذلك لا يدرك الفرق بين واقع اقتصادنا وواقع اقتصاديات تلك البلدان. فعدم وجود نظام رهن عقاري في المملكة قبل عام 2008 هو السبب الرئيس في خروج اقتصادنا بأقل الأضرار من تلك الأزمة. فأسعار العقارات في ذلك الوقت لم تكن متضخمة، وحتى لو أنها كانت كذلك، فإنَّ انهيارها كان سيكون له أثرٌ هامشيٌّ على اقتصادنا في ظلِّ محدودية تعرض البنوك السعوديَّة للقطاع العقاري، نتيجة عدم وجود نظام رهن عقاري كان وجوده سيشجعها على المبالغة في الإقراض العقاري. الوضع نفسه لا يزال قائمًا في ظلِّ عدم تفعيل نظام الرهن العقاري حتَّى الآن، حيث لايزال تعرض البنوك السعوديَّة للقطاع العقاري محدودًا جدًا، ما يعني أن تراجعًا كبيرًا في أسعار العقارات الآن لن يؤثِّر على ملاءتها الماليَّة ولن يتطلب تدخلاً حكوميًّا لإنقاذها كما حدث في بلدان عديدة إبان أزمة المال العالميَّة، وسيقتصر التأثير على انخفاض في قيم محافظ ملاك العقارات لا أكثر. أمر آخر مهم وهو أن أيّ تراجع حاد في أسعار العقارات سيكون توقيته مناسبًا جدًا وسيجنب الاقتصاد أزمة مستقبلية فيما لو تأخر مثل هذا الانهيار إلى ما بعد توسع البنوك في الإقراض العقاري. فاتساع تعرض البنوك للقطاع العقاري في ظلِّ الارتفاع الحالي في أسعار العقارات سيكون بمثابة صب الزيت على النار الذي سيدفع إلى مزيد من التضخم في أسعارها، ما سيعجل بانفجار فقاعتها، وعندها سيكون التأثير على البنوك كبيرًا ما يدخلنا في أزمة رهن عقاري ستتطلب دون أدنى شكٍّ تدخلاً حكوميًّا مكلفًا جدًا. من ثمَّ فإنّه وعلاوة على المكاسب الاقتصاديَّة العديدة التي ستنتج عن أيّ تراجع كبير يحدث في أسعار العقارات، التي من بين أبرزها تحسين مستويات معيشة معظم أفراد المجتمع وزيادة قدرتهم على امتلاك مسكن، فإنَّ توقيت مثل هذا التراجع هو أكثر من مثالي، كونه يأتي قبل بدء تفعيل نظام الرهن العقاري وتوسع البنوك في الإقراض العقاري، ما يحمينا من أزمة ماليَّة محققة الحدوث في حال تأخر انهيار أسعار العقارات إلى ما بعد توسع البنوك في الإقراض العقاري، من ثمَّ فحدوث تراجع حاد في أسعار العقارات الآن هو في الواقع مصلحة اقتصاديَّة عليا يجب أن يُسعى إليها بقوة لا أن يُخشى منها.