×
محافظة مكة المكرمة

اتفاقية سعودية صينية لتفعيل أعمال التنقيب البري والبحري

صورة الخبر

برفضه عدم طرد الدبلوماسيين الأميركيين رداً على عقوبات أوباما، ضحك بوتين على البيت الأبيض وخدعهم بمكره، حسب مجلة الأميركية. لعلها كانت إحدى أكثر الخطوات الدبلوماسية المنتظرة لهذا العام، رغم ذلك بوغتت روسيا عندما قررت إدارة أوباما طرد 35 موظفاً في السفارة الروسية وإغلاق مجمعين وفرض عقوبات على كبار مسؤولي المخابرات الروس. كانت خطوة غير مسبوقة في عالم ما بعد الحرب الباردة، لكن تلك كانت الغاية والمقصد. فهذه الخطوة كانت معهودة أيام السبعينيات والثمانينيات عندما كان تبادل العين بالعين والسن بالسن جزءاً من اللعبة، لكن إدارة أوباما ظلت لأشهر ساكتة لا تأتي بشيء رافضة كشف العلاقات التي تربط العملاء الروس بويكيليكس، وهو ما قالت وكالة الاستخبارات المركزية CIA أنها تملك أدلة عليه. يقول فلاديمير فرولوف الخبير الأمني والمستشار السابق في الحكومة "الصراحة أننا توقعنا منهم رداً مستهدفاً أكثر". روسيا في العادة تردُّ بقوَّة أما مارغريتا سيمونيان رئيسة تحرير قناة روسيا اليوم الناطقة بالإنكليزية والتي تعد ذراع الكرملين في الدعاية لنظامه، فلخصت الجو السائد في أوساط النخبة بتغريدة على تويتر قالت فيها "أوووه كم أنا خائفة!" في العادة يكون رد روسيا على ما تراه عملاً عدوانياً غربياً هو المعاملة بالمثل وبطريقة مبالغٍ فيها. فعندما بُرّئ من تهمة القتل أبٌ أميركي بالتبني لطفل روسي مات بضربة حر عندما تركه الأميركي في سيارة مركونة لمدة 9 ساعات، عمدت السلطات الروسية إلى الرد بإصدار قرار صارم يمنع تبني العائلات الأميركية لأطفال روس. كذلك عام 2005 عندما تعرض 3 أطفال لدبلوماسيين روس لاعتداء في وارسو، لقي 3 بولنديين نفس المعاملة في موسكو. يقول فيودور لوكيانوف الخبير المقرب من نخبة الخارجية الروسية "المنطق المعتمد هو أنه لا يمكنك فعل شيء لروسيا من دون أن ترى الشيء ذاته يحدث لك". كانت أولى العلامات تشير إلى أن الأمور ستسير كالمعتاد، فعلى تويتر وعدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بـ"بيانات رسمية وإجراءات مضادة وغيرها كثير". فتطلع الكثيرون لهجوم روسي على أهداف أميركية "ناعمة" مثل الأيتام ومجموعات حقوق الإنسان والمثليين. صباح الجمعة كان الإعلام المحلي يقدم سيناريوهات تشويقية الواحدة تلو الأخرى ترقباً لما سيكون عليه هذا الرد الروسي المبالغ فيه، مثلاً تكهنت تقارير بإغلاق المدرسة الأنجلو أميركية في موسكو والتي يفضلها الدبلوماسيون الأجانب لأبنائهم، كذلك قالت التقارير أن مقرات الإقامة الريفية للدبلوماسيين الأميركين ستغلق هي الأخرى. وقد ألمح وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أنه سيكون الرد بالمثل ويطرد 35 دبلوماسياً مماثلاً منهم 31 من السفارة الأميركية في موسكو و4 آخرون من القنصلية الأميركية في سان بطرسبرغ. ولكن مع مرور النهار تجلى أن الكرملين يتهيأ لرد أكثر تعقيداً. فقد بدأ ناطقون متعددون باسم الحكومة بتصوير العقوبات الأميركية كأنها عقوبات شخصية صدرت عن رجل غاضب هو أوباما، أي أن هذه العقوبات هي عقوبات أوباما شخصياً، لا عقوبات دونالد ترامب ولا حتى عقوبة الدولة الأميركية، بل هي عقوبات رئيس لا يحل ولا يربط ثار غضبه في آخر أيامه ليصدر هذه العقوبات في ثورة غضب أخذته، حتى أنهم صوروا وزير الخارجية جون كيري كأنه رجل طيب خاضع لرئيس عاطفي وفق ما قالته المتحدثة الروسية زاخاروفا. امتنعت عن الرد المفاجأة جاءت الساعة 4 عصراً بالتوقيت المحلي عبر بيان نشره الكرملين على موقعه على الإنترنت، حيث ضبطت روسيا نفسها وامتنعت عن الرد ولو بالحد الأدنى المتوقع منها دبلوماسياً –أي المعاملة بالمثل بطرد دبلوماسيين مماثلين– حيث جاء في البيان "سوف تمتنع روسيا عن اتباع سياسة "المطابخ" غير المسؤولة هذه، ولكنها تنوي اتخاذ خطوات لرأب صدع العلاقات الروسية – الأميركية بناء على سياسات إدارة ترامب". حتى أن الرئيس بوتين دعا أطفال الدبلوماسيين الأميركيين لحفلة رأس السنة التي يقيمها. بهذا البيان نرى تحولاً كبيراً في دبلوماسية الرئيس الروسي التي درجت على العدوانية، الخطوة تعد نصراً تكتيكياً، حيث أن "عقوبات أوباما" المصممة كي لا تمسها إدارة ترامب مستقبلاً لم تعد فجأة غير قابلة للرجوع عنها. يقول لوكيانوف "إنها حركة ذكية جداً لأنها سوف تقلل من حجم أوباما أكثر فأكثر." إن حركة بوتين المتسامحة هذه فيها تبديد لأي شكوك حول مسار السياسة الروسية في عهد إدارة ترامب. يقول فرولوف "ترامب الآن محصور في الخانة، لأنه أصبح عميلاً روسياً دون قصد منه حيث أن كل ما سيفعله الآن سيعد دفعة على الحساب لقاء هذا ولقاء خدمات أخرى أثناء الانتخابات." رفع جزئي للعقوبات وبالطبع الكرملين سعيد بكل هذا، فقد نقل عن مصادر داخلية فيه أن شعور "النشوة" يسري في أجزاء معينة في أوساط النخبة. إن انتخاب ترامب مع تعيينه جملة من محبي الكرملين مثل ريكس تيلرسون الذي سيغدو وزيراً للخارجية والاختيار القائم لتوماس غراهام سفيراً في روسيا – في كل هذا تحول وانقلاب كبير في المشهد الجيوسياسي مع موسكو، حتى أن معظم الخبراء الاقتصاديين بدؤوا تواً يكتبون توقعاتهم برفع جزئي للعقوبات بحلول العام القادم. إن وضوح هذه الخطوات يجعل من توقع عدم تحسن العلاقات بين روسيا وأميركا ضرباً من الجرأة. لكن ما من ضمان على تحسنها إلى الدرجة المتوقعة. فهناك معوقات واضحة مثل الاختلاف الساطع في الآراء حول أوكرانيا وإيران والصين، وهو ما ستحاول سياسة ترامب الخارجية المشبعة بشخصيته العمل جاهدة للتغلب عليه. يقول فرولوف "إن العديدين من داخل أوساط النخبة يرون أنه من الغباء ربط مصالح روسيا بنجاح هذا الأبله". بيد أن الإشارات كلها تدل على بداية جيدة للعلاقة بينهما، حيث يقول فرولوف "إن بوتين وترامب سيفتحان صفحة جديدة لعلاقاتهما في قمة هلسنكي في شهر شباط بتقبيل شوارب بعضهما. ثم ستسير الأمور على ما يرام فيما بينهما عاماً من الزمن إلى أن يقوم أحدهما باحتلال منطقة ما من العالم، وعندها ستبدأ الرهانات". - هذا الموضوع مترجم عن مجلة Foreign Policy الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .