خلصت اجتماعات أردنية رفيعة خلال اليومين الماضيين إلى دعم حكومة عبدالله النسور في أزمتها الطاحنة مع البرلمان، إثر مقتل القاضي الأردني رائد زعيتر برصاص الجيش الإسرائيلي الإثنين قبل الماضي. وأصدر الديوان الملكي الأردني بياناً عصر أمس، قال فيه أن الملك عبدالله الثاني تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قدما خلاله الاعتذار عن حادثة استشهاد القاضي زعيتر. وعلمت «الحياة» أن الاجتماعات التي عقدت على أعلى المستويات السياسية في البلاد، طلبت من النواب التراجع عن مطالبتهم الحكومة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب والإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة، الذي يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة لقتله 7 طالبات إسرائيليات عام 1997، والذي يخوض منذ أيام إضراباً مفتوحاً عن الطعام لإطلاق سراحه. وعُلم أن هذه الاجتماعات بعثت رسائل واضحة إلى أركان البرلمان وقادة الكتل النيابية، وتحديداً رئيس المجلس عاطف الطراونة، مفادها أن جملة من الظروف الداخلية والخارجية الراهنة تستدعي استمرار الحكومة، وأن طريقة التعامل مع ملف الشهيد زعيتر والشروط «التعجيزية» التي يضعها النواب، من شأنها أن تهدد «المصالح» العليا للدولة. وأكدت الاجتماعات المذكورة عدم المساس باتفاقية السلام الموقعة بين المملكة وإسرائيل، منذ ما يزيد على العقدين. وقالت مصادر أردنية رفيعة لـ»الحياة» إن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني التقى خلال الساعات الماضية عدداً من زعماء البرلمان، إضافة إلى قيادات حكم بارزة، لاحتواء الأزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. الى ذلك، أعلن الديوان الملكي الأردني في بيان أمس إن «الملك تلقى اليوم (أمس) اتصالاً هاتفياً من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، قدم خلاله الاعتذار عن حادثة استشهاد القاضي رائد زعيتر، معرباً عن تأثره البالغ وأسفه لما حدث، ومؤكداً التزام إسرائيل المضي قدماً بالتحقيق المشترك في الحادث مع الجانب الأردني». وأضاف أن «الملك تلقى اتصالاً مماثلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي». وكان الملك عبدالله زار أول من أمس بيت عزاء زعيتر، لتقديم واجب العزاء، رافقه رئيس ديوانه فايز الطراونة. وقال علاء الدين زعيتر، والد القاضي رائد، إن الملك طمأنه الى عدم ضياع «حق ابنه»، الذي قتل برصاص قوات اسرائيلية الاسبوع الماضي، عند جسر الملك حسين الحدودي بين الاردن واسرائيل. وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة الأردنية أمس تشكيل لجنة مهمتها المشاركة مع الجانب الاسرائيلي في التحقيقات الخاصة بظروف استشهاد زعيتر. وتضم اللجنة التي يرأسها احد اعضاء النيابة العامة، ممثلين عن وزارتي الخارجية والداخلية ومندوبين عن القوات المسلحة الاردنية. وقال بيان إن «رئيس الوزراء عبدالله النسور أوعز الى اللجنة مباشرة عملها بالسرعة الممكنة، وإعداد تقرير تفصيلي في ذلك، وإعلامه حيثيات عملها والنتائج التي تتوصل إليها». ويرى معلقون سياسيون ومراقبون، أن رفض مطبخ القرار المطالب التي وضعها البرلمان شرطاً لعدم طرح الثقة في الحكومة خلال الجلسة المقررة مساء اليوم، إضافة الى الدعم الرفيع الذي تلقاه النسور شخصياً خلال اليومين الماضيين، وضع النواب الساعين إلى إرضاء قواعدهم الانتخابية أمام مأزق خطير، إذ أنهم لا يسعون البتة إلى التصادم مع مراكز قرار سيادية. ويحتاج طرح الثقة في الحكومة إلى غالبية 76 نائبأ. ويتوقع أن يقف النواب في جلسة اليوم أمام خيارات مرّة، فإما أن يصر بعضهم على طرح الثقة، وهو خيار محكوم بالفشل قبل أن يبدأ، وإما أن يقبلوا بحلول وسط تقدمها الحكومة، منها على سبيل المثال انتظار نتائج التحقيق النهائية، وعندها تبرد الرؤوس الحامية، أو أن يتدخل النسور نفسه للحفاظ على ماء وجه المجلس - وهو خيار متوقع- من خلال استخدام حقه الدستوري تأجيل خيار طرح الثقة الى حين انتهاء التحقيقات، والتي ربما تتزامن مع عطلة للبرلمان تبدأ قريباً. الاردن