اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا يعد أول مبادرة دبلوماسية دولية كبيرة في الشرق الأوسط خلال عقود لا تشمل الولايات المتحدة. العرب [نُشرفي2016/12/30] مصالح مشتركة سوريا- واجه اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا والذي توسطت فيه روسيا وتركيا اللتان تدعمان أطرافا مختلفة في الصراع بداية هشة بعد منتصف الليل في أحدث مسعى لإنهاء إراقة الدماء المستمرة منذ قرابة ستة أعوام. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو حليف أساسي للرئيس السوري بشار الأسد وقف إطلاق النار الخميس بعد إعداد الاتفاق مع تركيا التي تدعم المعارضة السورية منذ وقت طويل. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤول بالمعارضة إن اشتباكات وقعت بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية على امتداد الحدود الإقليمية بين إدلب وحماة وإنه تم سماع إطلاق نار على نحو متفرق في جنوب البلاد بعد أقل من ساعتين من سريان الهدنة. لكن الأطراف المتحاربة توقفت على الأرجح عن إطلاق النار في الكثير من المناطق الأخرى. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الولايات المتحدة قد تنضم إلى عملية السلام فور تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير. وعبر أيضا عن رغبته في انضمام مصر والسعودية وقطر والعراق والأردن والأمم المتحدة. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن عددا من جماعات المعارضة السورية وقع على الاتفاق. وأقر مسؤولون بالمعارضة المسلحة توقيع الاتفاق وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر وهو تحالف فضفاض من جماعات المعارضة إن الجيش الحر سيلتزم بوقف إطلاق النار. وعبر أحد قادة المعارضة عن تفاؤله بصمود هذا الاتفاق الذي يعد ثالث محاولة هذا العام لوقف إطلاق النار في سائر أنحاء البلاد. وقال العقيد فارس البيوش من الجيش السوري الحر دون الخوض في تفاصيل "هذه المرة لدي ثقة في جديته. هناك معطيات دولية جديدة". وأدى الصراع السوري الذي بدأ عندما تحولت انتفاضة سلمية إلى أعمال عنف عام 2011 إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد ما يزيد عن 11 مليون وهو نصف عدد سكان البلاد قبل الحرب. ويعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس باراك أوباما أول مبادرة دبلوماسية دولية كبيرة في الشرق الأوسط خلال عقود لا تشمل الولايات المتحدة. انهيارات سابقة ودخل الاتفاقان السابقان اللذان توسطت فيهما روسيا والولايات المتحدة حيز التنفيذ في فبراير وسبتمبر لكنهما انهارا خلال أسابيع فيما تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بانتهاك الهدنة وازدادت حدة القتال. وقال بوتين إن الأطراف على استعداد أيضا لبدء محادثات سلام المقررة في أستانة عاصمة قازاخستان. وذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية في وقت متأخر الخميس أن هذه المحادثات ستبدأ قريبا. وستتفاوض الحكومة السورية من موقف قوة بعد أن تمكن جيشها وحلفاؤه ومنهم فصائل شيعية تدعمها إيران إلى جانب القوة الجوية الروسية من دحر المعارضة في آخر معاقلها في حلب هذا الشهر. وأدت حملة جوية روسية منذ سبتمبر العام الماضي إلى تحويل دفة الحرب لصالح الأسد وغادر آخر مقاتلين للمعارضة حلب إلى مناطق لا تزال تحت سيطرة المعارضة إلى الغرب من المدينة ومنها محافظة إدلب. ويتعبن صمود وقف إطلاق النار قبل إمكانية بدء محادثات السلام. وفي دلالة على أن أحدث هدنة قد يكون من الصعب صمودها مثل سابقتيها سادت حالة من التشوش حول جماعات المعارضة التي سيشملها الاتفاق. وقال الجيش السوري إن اتفاق الهدنة لا يشمل تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد ولا المقاتلين التابعين لجبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة ولا أي فصائل على صلة بتلك الجماعات. لكن مسؤولين بالمعارضة قالوا إن الاتفاق يضم جبهة النصرة التي أعلنت في يوليو قطع صلتها بتنظيم القاعدة. وقالت جبهة أحرار الشام القوية إنها لم توقع على اتفاق وقف إطلاق النار وإن لديها "تحفظات" ستوضحها في الوقت المناسب. الأسد في موقف قوي يأتي الاتفاق في أعقاب عودة الدفء للعلاقات بين روسيا وتركيا. واكتسبت المحادثات بشأن وقف إطلاق النار زخما بعد أن قالت روسيا وإيران وتركيا إنها على استعداد لدعمه وتبنت إعلانا يحدد مبادئ سيتعين على أي اتفاق أن يلتزم بها. وقال بوتين إن جماعات المعارضة والحكومة السورية وقعتا عددا من الوثائق بينها اتفاق وقف إطلاق النار وإجراءات مراقبة الاتفاق وبيان بشأن الاستعداد لبدء محادثات السلام. ورغم أن أنقرة من كبار رعاة المعارضة المناهضة للرئيس السوري فإن الإطاحة به أصبحت عنصرا ثانويا مقارنة بمحاربة التوسع الكردي في شمال سوريا. وتبدو فرص معارضي الأسد في الإطاحة به أبعد من أي وقت مضى طوال الحرب. وتم تهميش واشنطن في المفاوضات الأخيرة ومن غير المقرر أن تحضر الجولة المقبلة من محادثات السلام في قازاخستان وهي حليف وثيق لروسيا. وقال مسؤولون إن استبعاد واشنطن يبرز تنامي إحباط تركيا وروسيا بشأن سياسة واشنطن تجاه سوريا. وقالت واشنطن إن أنباء وقف إطلاق النار إيجابية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر "نأمل أن يتم تنفيذه بشكل كامل واحترامه من كل الأطراف". وقال جيمس دوبينس وهو دبلوماسي أمريكي كبير سابق إن عدم مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات بين روسيا وإيران وتركيا لا يمنع أمريكا من أن تكون عنصرا كبيرا فعالا في المنطقة.