×
محافظة المنطقة الشرقية

أمريكي يدعم سلة الطرف

صورة الخبر

تجتهد روسيا، بإعلاناتها المتتابعة حول «الثورة السورية»، لمواراة «الجريمة» عبر تخليق «أوهام سياسية» يعتبرها الإستراتيجيون «ضرورة» لتكريس «النصر» المزعوم في حلب، فيما تدرك مختلف الأطراف عجزها دون «حل سياسي» ينقذ ما تبقى من سوريا الدولة. «انتصار حلب» المزعوم، وما رافقه من «نشوة زائفة»، لا يشكل سوى «هزيمة مدوية» يصعب معها إنجاز «قيصر الكرملين» لأية تسوية في سوريا، إذ تغيب عن مقارباته «اشتراطات التسوية»، العادلة والشاملة، في مقابل الحضور الطاغي لتوظيفات «القوة القذرة»، سواء كانت قوة روسية أم إيرانية. حين انطلقت «الثورة السورية» تبنت «أجندة واضحة»، قوامها الرئيس الخلاص من «عصابة الأسد» لأجل استعادة الإرادة الشعبية حقها في تقرير مصير البلاد والعباد، ليكون «إسقاط العصابة» شرطاً مسبقاً لانجاز «الفعل الثوري»، السلمي والمسلح. ##تجاهل تضحيات عملياً، تتجاهل «الإعلانات الروسية»، أو «مشاريع التسوية»، سلسلة معقدة من الحقائق، وفق القيادي في «الجيش الحر» العقيد خالد الحبوس، على رأسها أن «سوريا اليوم» تختلف تماماً عن «سوريا الأسد»، وكذلك الشعب السوري «بات مختلفاً». ويرى العقيد الحبوس، في حديث لـ«اليوم» عبر الهاتف، أن «مشاريع التسوية تقفز عن 6 أعوام من الثورة السورية، وتتجاهل تضحيات الشعب السوري، وكذلك تغمض عينها عن حقيقة أن الأزمة باتت إقليمية ودولية بامتياز». سنوات الثورة عرفت نحو مليوني قتيل وجريح، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما غادر البلاد، فراراً من ويلات الحرب، نحو 10 ملايين سوري، يتوزعون اليوم على دول اللجوء، فضلاً عما لحق بها من دمار لمختلف البنى «أعاد سوريا إلى الوراء لنحو 40 عاماً»، وفق مراكز الدراسات الغربية. في وقت سابق، نظر السوريون إلى روسيا كـ «دولة صديقة»، فيما باتت اليوم، لدى قطاع حاسم منهم، «دولة احتلال» ويداها «موغلة في الدم»، والأمر ذاته ينسحب على إيران، التي تتبجح بـ «النصر المقدس»، فيما هي غارقة في «علاقة ثأرية» مع السوريين. تبدل صورة «صنّاع التسويات» في الذهنية السورية لا يقف عند معارضي «عصابة الأسد»، بل يمتد أيضاً إلى قيادات سياسية تابعة له، من وزن السفير السوري السابق لدى المملكة المتحدة د. سامي الخيمي. السفير الخيمي اعتبر، في «تغريدة» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «روسيا وإيران دولتا انتداب»، محيلاً إياهما - رغم ما فعلاه لتثبيت «عصابة الأسد» - إلى ما يرقى للاحتلال. يقول د. الخيمي، في «التغريدة» التي رصدتها «اليوم»، إن «الانتداب الروسي والإيراني قائم اليوم في مناطق الدولة، والتركي في الشمال، والأمريكي وحلفاؤه في الجنوب والشمال الشرقي، أما الميدان فهو جزئياً سوري مع أكثرية مساندة من العديد من الدول..». وزاد السفير، الذي يرتبط بعلاقة وثيقة مع بشار الأسد، أن «الوضع اليوم لا يبشر بالخير، حتى لو انتصر أي فريق فالبلد خاسر وغير قابل للإدارة، وإذا لم ينتصر أي طرف فسيبقى البلد مقسماً وفاشلاً». استحقاق الثورة المجادلون في حتمية «التسوية السياسية» يتفهمونها في سياقها «الوطني أولاً»، وليس فقط الروسي والإيراني أو حتى التركي والأمريكي، وبتلبيتها - ثانياً - لـ «الحد الأدنى من استحقاقات الثورة»، التي باتت جزءاً أصيلاً من السياقات السورية، وبتجاوبها - ثالثاً -مع «الاشتراطات الإقليمية والدولية». ويقول الخبير في الشأن السوري محمد برهومة، وهو باحث في مركز الدراسات الإستراتيجية، إن «التفوق العسكري، للنظام وحلفائه على حساب الشعب السوري والمعارضة، لا يعني غياب المعوقات، فالاستقرار سيبقى مستبعداً». ويضيف برهومة إن «التسوية الكلية تتطلب مظلة إقليمية - دولية، تشمل مختلف الفاعلين المؤثرين في المستقبل السوري، وهي تسوية يجب أن تبحث: الحل السياسي، ومستقبل الأسد، وشكل النظام (رئاسي أم برلماني)، وشكل سورية (مقسمة أم موحدة، لا مركزية أم الفيدرالية...)». «الإعلانات الروسية» تنظر إلى تركيا باعتبارها ممثلاً للمعارضة السورية، أو على أقل تقدير «ضابط إيقاع» المعارضة، وهو ما ينافي الحقيقة، إذ شكل موقف الائـتلاف الوطني، والهيئة العليا للمفاوضات، والفصائل العسكرية السورية، والشعب السوري، ضربة مبكرة لها، ورغم ذلك واصلت موسكو نهجها. إصرار روسيا على المضي قدماً في إعلاناتها يثير استفهاماً أساسياً بشأن «غاياتها»، التي يراها مصدر رفيع في الجيش السوري الحر، استطلعته «اليوم» عبر الهاتف، بأنها «محاولة ماكرة لتجاوز عقدة الجريمة عبر تخليق وهم سياسي يدعم النصر العسكري المزعوم»، متسائلا «كيف يمكن للسوريين قبول أن يكون الجاني هو الحكم والحل في آن واحد؟». ويرى المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «موسكو وطهران وبشار الأسد، في الإعلانات الروسية، يقدمون أنفسهم باعتبارهم صنّاع التسوية في حين أنهم شركاء أصلاء في الجريمة»، معتبرا أنها لا ترقى إلى «بروباجندا ملطخة بالموت، وغايتها صناعة الوهم لتزييف الحقيقة». «الثورة السورية» في جوهرها «حراك وطني»، بيد أنها آلت إلى قضية إقليمية - دولية، تستدعي تسويتها ما هو أبعد من «إعلانات» تصدر من موسكو وطهران وأنقرة، ولاحقاً من أستانة، إذ باتت الأزمة جزءا من «أزمة الإقليم»، وكذلك جزءا من «أزمة النظام الدولي» برمته.