حلب، اسم المدينة السورية الكبرى التي تمر بفترة لا نظير لها من الوحشية والقتل وفقدان الأمل، وهناك يعيش كرم شاكر، الذي ينوي إقامة استعراض بمناسبة عيد الميلاد، فهو يريد تنظيم بعض الحفلات التي يدفع بها الحزنَ عن أهل بلده. تريد الناس أن ترقص وتسمع الموسيقى، وذلك كما ذكر محرر النسخة الألمانية من "هافينغتون بوست"، والبالغ من العمر 28 عاماً، فالسوريون يريدون أن يحتفلوا ليخرجوا من الخوف ومن الحياة اليومية التي لا تعتبر عند الكثيرين حياة بمعنى الكلمة، وإنما هي صراع يومي من أجل البقاء على قيد الحياة. 40 ألف مسيحي يعيشون في حلب من الصعب ذكر عدد المسيحيين الذين يعيشون في حلب اليوم، إلا أن المنظمات المهتمة بشؤون المسيحيين تذكر أن هناك ما يقارب الـ40 ألف مسيحي. فقد دُمِّرت أجزاء كبيرة من المدينة، ولاذت أعداد كبيرة من السكان بالفرار، مع وجود حالات لا حصر لها من الوفيّات، وتم -قبل يومين فقط- إجلاء عشرات الآلاف من القطاع الشرقي الذي تسيطر عليه الميليشيات، وعادت حلب من جديد لأول مرة منذ عام 2012 تحت سيطرة الرئيس بشار الأسد وحلفائه. ويعيش شاكر في الجزء الغربي من حلب، حيث الأوضاع المأساوية التي ليست بالكبيرة جداً، ولكنها تُعدُّ مأساوية بما فيه الكفاية، فتنظيم الحفلات في هذا المناخ صعب جداً، ولا يقوم به في الأساس إلا شاكر ذاته، الذي يعتبر محترفاً في هذا المجال، حيث يعتبر هذا على حد زعمه معجزة، ومن أصعب الأشياء في العالم. حفلات وسط الحرب ففي عام 2008 وقبل نشوب الحرب الأهلية السورية كان شاكر قد بدأ في تنظيم بعض الحفلات، ثم شرع بعد ذلك في إحضار الموسيقيين العالميين إلى المدينة، مثل الموسيقار الألماني (دي جي دو كوزميك جيت)، الذي ظهر عام 2010 في مدينة حلب، وتحديداً قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية بعامين. ثم تابع شاكر أيضاً تنظيمه للحفلات في فترة الحرب، وخصوصاً في بعض أحياء المدينة التي لم يبلغ فيها الصراع ذروته، وفي نهاية سبتمبر أراد ما يقارب الـ1000 شخص آنذاك مشاهدة اثنين من المغنين المحليين. وقد قام شاكر بعمل ذلك بناء على رغبة الكثيرين، ولأنه في الأساس عمل جيد، كما صرح هو بذلك. وقد نظم شاكر للتوّ حفلين مسائيين بمناسبة أعياد الميلاد، يتّسع كل منهما لاستقبال حوالي 100 شخص من الضيوف، وأولوية الحضور تذهب بالطبع للمسيحيين. عيد ميلاد سعيد من حلب إلى ألمانيا كرم شاكر ويعود أصل شاكر ذاته إلى أسرة مسيحية، ولكن بسبب وظيفته لا تزال خططه وترتيباته بخصوص الحفل غامضة، وذلك لما يلي، على حد قوله: "أنا أعمل في جوقة المرتَلين، ولذلك فربما أذهب إلى الكنيسة الأرثوذوكسية السورية". ويريد شاكر بالرغم من صعوبة الوضع الإنساني هناك ونقص الإمدادات أن يقيم في حفلاته مطبخاً محلياً كبيراً على أوسع نطاق، بما يشمله من السلطة اللبنانية والحمص بالطحينة والخبز والكباب. وعنده مصادره التي يتمكن عن طريقها من عمل أطعمة رائعة المذاق، ولا يحتفل معظم المسيحيين في سوريا بعيد الميلاد قبل يوم الأحد، غير أن شاكر يرسل بالرغم من ذلك التهاني بالعيد. وعندما يعلم إنسان أين يعيش شاكر وماذا يكابد، فإن رسالة عيد الميلاد هذه تعطيه دفعة قوية تماماً، فقد كتب لمحرر الهافينغتون عبر تطبيق الواتساب: "أتمنى لكم عيد ميلاد سعيداً، وأن تنعموا بالسلام والأمان، والذي يجب أن يسود في كل مكان سواء في حلب أو ألمانيا أو أوروبا أو على مستوى العالم بأكمله". - هذا الموضوع مترجم عن النسخة الألمانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .