×
محافظة المنطقة الشرقية

محمد بن لعبون.. أيقونة الشعر

صورة الخبر

رداً على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، استدعت إسرائيل يوم الأحد الماضي سفراء عشر دول من 14 دولة صوتت لصالح المشروع ولديها سفارات في إسرائيل، وذلك لتوبيخهم بحسب ما اعلن، وهذه الدول هي بريطانيا والصين وروسيا وفرنسا ومصر واليابان وأوروغواي وإسبانيا وأوكرانيا ونيوزيلندا. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليقاً على موقف إدارة الرئيس أوباما "كان هناك خلاف على مدى عقود بين الإدارات الأميركية والحكومات الإسرائيلية بشأن المستوطنات لكننا اتفقنا على أن مجلس الأمن ليس هو المكان الذي نحل فيه هذه القضية." وأضاف "نعرف أن الذهاب إلى هناك (مجلس الأمن) سيجعل المفاوضات أصعب و(طريق) السلام أبعد. ومثلما أبلغت جون كيري يوم الخميس فإن الأصدقاء لا يأخذون الأصدقاء إلى مجلس الأمن". استخدم نتنياهو أيضاً مصطلحات قاسية في التعبير أيضاً عن موقف الإدارة الأميركية حيال القرار، حيث كرر ما قاله مسؤول بالحكومة لم يُكشف النقاب عنه بأن واشنطن تآمرت مع الفلسطينيين للضغط من أجل تبني القرار. وقال نتنياهو للحكومة في تصريحات علنية "لم يكن لدينا شك وفقا لمعلوماتنا في أن إدارة أوباما كانت أول من بادر بالوقوف خلف (مشروع القرار) ونسقت الصياغة وطالبت بإقراره." اعتادت إسرائيل على نهج اميركي يوفر لها جدار الحماية الدبلوماسي في مواجهة ما لا يعجبها من قرارات دولية، ولكن واشنطن قررت هذه المرة عدم استخدام حق النقض (الفيتو) وامتنعت عن التصويت ضد مشروع قرار مضاد للاستيطان الاسرائيلي. هناك ملاحظات عدة على تعاطي إسرائيل مع هذا الاجماع الدولي المضاد للاستيطان، أولها ما يتعلق بأسلوب التعبير عن الغضب، ففي ما استقبل نتنياهو باعتباره يشغل أيضا منصب وزير الخارجية سفير واشنطن لدى تل أبيب، دان شابيرو، في خطوة غير عادية على الإطلاق، أوعزت الحكومة الإسرائيلية إلى مديرين في وزارة الخارجية باستقبال سفراء الدول العشر من أعضاء مجلس الأمن الدولي وتوبيخهم، ماينطوي على إشارة مهينة لهذه الدول، ويعكس غطرسة إسرائيلية لافتة في مواجهة إرادة المجتمع الدولي. الملاحظة الثانية أن إسرائيل اقامت الدنيا ولم تقعدها على القرار الأممي رغم أنه قرار تقليدي، يكتفي بمطالبتها "بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية".، ولم يدرج ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو غير ذلك، فالقرار واقعياً هو مجرد دعوة دولية لوقف الأنشطة الاستيطانية، ولا ينطوي على آليات محددة ومنصوص عليها في القرار لتنفيذ إرادة المجتمع الدولي. كما لم يتضمن أي إجراءات عقابية حال مخالفته، او عدم الالتزام بتنفيذه، وبالتالي فهو قرار كسابقيه وسيلحق بهم، ولكن إسرائيل باتت ترى نفسها فوق النقد، حتى لو كان هذا النقد جماعياً ويعبر عن إرادة 14 دولة عضو بمجلس الأمن الدولي، ولم يتبق سوى الولايات المتحدة التي اتهمتها إسرائيل نفسها بأنها تقف وراء القرار ومنحته الضوء الأخضر. من المعروف أن قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصبغة القوية الالزامية تدرج عادة ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كي تكتسب قوة الزاميةـ ويترتب على مخالفتها فرض عقوبات وغير ذلك، باعتبارها أعمالاً تمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، ومن غير المتصور أن تخضع إسرائيل لهكذا إجراء في ظل البيئة السياسية الدولية الراهنة. اعتقد أن مايغضب إسرائيل أنها لم تعد تتحمل فكرة الاشارة إليها بالمحتل ولا نقد سياساتها حتى لو كانت تنطوي على مخالفات صارخة للقوانين الدولية، حتى ولو في بيانات وقرارات هي أول من يدرك أنها لن تجد طريقها للتنفيذ، فما حدث في السنوات الأخيرة من تطورات متسارعة اقليمياً ودولياً، وأبرزها ماتعانيه دول عربية كبرى ووصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، قد وفر لإسرائيل قدراً عالياً من الغرور والغطرسة، التي يصعب معها التعامل كدولة طبيعية تخضع للقوانين والأعراف الدولية. وعندما تقرر إسرائيل استدعاء سفراء دول كبرى في يوم عيد الميلاد في مخالفة لما هو متعارف عليه دبلوماسياً، وتوعز لمسؤولين عاديين باستقبالهم نكون في مواجهة تطور نوعي في نظرة إسرائيل للعالم، بل إن اللافت أن نتنياهو قد دعا الوزراء الاسرائيليين إلى ضبط النفس، والتصرف بشكل يتحلى بالرشد وبالمسؤولية وبرباطة الجأش، في الأفعال وفي الأقوال عن التعبير عن غضبهم من القرار الأممي. إن مانتابعه هو أحد قواعد اللعبة الجديدة، التي أسفرت عنها التحولات الاقليمية والدولية، فإسرائيل الآن غير تلك التي عهدناها، حيث توغلت في عمق الإرادة الدولية بأكثر مما توغلت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وباتت تكتفي فقط باحترام الأصدقاء في واشنطن، وعدا ذلك تتعامل معهم كما تعاملت في المشهد العبثي الأخير. سالم الكتبي كاتب من الإمارات