بالنظر إلى ما تورده هوليوود لنا اليوم من بطولات نسائية، فإن زمن نادية الجندي يتكرر من دونها. للإيضاح، لا بد أن مشاهدي الأفلام الأميركية يلاحظون أن البطولات في أفلام المغامرات والأكشن والخيال العلمي آلت على نحو شبه تام للمرأة وذلك في السنوات الأربع الأخيرة. هاكم بعض الأمثلة: سكارلت جوهانسن تقضي على كل الرجال في «لوسي» (2014). جنيفر لورنس تبيد كل الأعداء في عالم المستقبل في سلسلة «ألعاب الجوع» (2012 - 2016). تشارليز ثيرون هي التي تسرق المشاهد من «ماد ماكس: طريق الغضب» (2015) رغم شريكها في البطولة توم هاردي. دايزي ريدلي تقود الأخيار في «ستار وورز: القوة تستيقظ» (2015) والرجال الأشداء يدورون من حولها. وفي الفيلم الحالي «روغ وان: حكاية من ستار وورز» نجد فيليسيتي جونز هي من تتبوأ الصدارة في القتال والتضحية رغم شلة الرجال من حولها. والأمثلة كثيرة ومتعددة، وفيها جميعًا تؤول البطولات الفعلية للمرأة، بينما البطل الذكوري التقليدي بات ينتمي إلى أيام ما كان هاريسون فورد شابًا يمثل سلسلة «إنديانا جونز». إلى جانب هذا، أفلام ول سميث وجوني دب وبروس ويليس وبراد بت وجون ترافولتا ويليام نيسون (وكلهم مثلوا مؤخرًا أفلامًا تعكس شخصيات قوية) سقطت في خانة النجاح المتوسط أو الفشل الكبير. آخرون، مثل مات دامون وتوم كروز، يجهدون ويبتكرون لكي يبقوا عائمين بنجاح. روبرت داوني جونيور إذا لعب «آيرون مان» نجح. أي فيلم آخر يسقط في بالوعة. إذن، معنى الكلام أن السينما باتت «للستات» (باستعارة عنوان فيلم كاملة أبو ذكري الجديد «يوم للستات») يجلن فيها ويصلن ويضربن أعتى الرجال. أتحدث وأنا بت أخشى أن تتقدم التكنولوجيا بحيث تخرج الممثلات من الشاشة ليضربنني لأني أتحيّز للمرأة - الأنثى الجميلة بعقلها وشخصيتها وليس بساعدها. طبعًا البطولات النسائية من هذا النوع لها تاريخ، لكن هذا التاريخ كان متناثرًا. المرأة القوية مكانها في أفلام متباعدة في زمن كان الرجل يقود فيه البطولة متباهيًا بقدراته البدنية. الآن هو أول من يسلم الراية إلى المرأة لأنها تفوقه. هل نحن في زمن المرايا العاكسة؟ لكن ما علاقة الممثلة نادية الجندي بهذه الموجة الحالية من الأفلام؟ في السبعينات بادرت لتمثيل سلسلة من أفلام القوّة. لم تكن تجيد الكاراتيه أو الكونغ فو، لكنها السيدة التي لها الكلمة الأخيرة فوق الجميع. المرأة الفولاذية التي لا يمكن الانتصار عليها. المعلّمة التي ستقف في السوق وتستولي على مصائر الناس وتوجه الأعداء ليضربوا بعضهم بعضًا. كل هذا لكي ترفع حاجبها الأيمن وتقول: «أنا المعلمة وماحدش يقدر عليّ». هي كذلك في «الباطنية» و«القرش» و«وكالة البلح» و«وداد الغازية» و«جبروت امرأة» وفي «المدبح» حيث يتساقط الرجال حين يجابهونها ثم يتساقطون لإرضائها. المسألة في الواقع ليست تنافسًا بين الجنسين، بل تماثل يفضي إلى نوع من الرجولة المؤنثّـة والأنوثة المسترجلة. الرجل صار أكثر حساسية وخجلاً والمرأة هي الأقوى والأشد فتكًا. أما الصورة الكلاسيكية للرجل الواثق من نفسه فبهتت من قلة الاستعمال.