نعلم جميعا أن هناك عددا ليس بقليل من أفراد أسرنا وأصدقائنا ومعارفنا على درجة عالية من الوعي، لكنهم قلقون من عادات أولادهم المستمرة بشكل مزعج في تلقي معلومات غير مرغوب فيها، ولا صلة لها بأي موضوع مفيد، والأسوأ من ذلك، مشكوك في أمرها. وإن هؤلاء الصبية يفضلون إعادة توجيه تلك المعلومات ليتلقاها آخرون، بدلا من بث رسائل جديدة لانتقاد ما تلقوه من معلومات غير مرغوب فيها أو للتأكد من معلومة مشكوك في صحتها. يتيح لنا الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية والأجهزة المحمولة فرصة لتبادل المعلومات بطرق لم تكن متوافرة أو حتى نعرفها، فبقليل من الجهد وبحركة أصابع خفيفة يمكننا الاتصال بأكبر عدد من الناس بسرعة فائقة وإرسال نصوص كتابية، وتبادل محادثات صوتية، ومشاهدة تسجيلات فيديو. وللأسف، إن هذه المرافق المتوافرة لراحتنا يستغلها أولئك الذين يسعون لإفساد شبابنا من خلال ما يبثونه من تضليل وتلفيق لقصص بصورة تجعلها وكأنها أخبار مهمة. وعلى الرغم من أن وسائل الاتصال الاجتماعية تُعد مصدرا مهما، إلا أنها تعتمد في كثير من الأحيان على معلومات غير صحيحة يتلقفها الناس دون توقف للتحقق من مدى صحتها، ويعيدون نشرها على عجل، مما يسبب حقا الارتباك والحقد والكراهية في كثير من الأحيان. ويقلقنا كثيرا أن نسمع من لجنة الاتصالات والوسائط الماليزية المتعددة (MCMC) أن كثيرا من الناس هنا لا يمكنهم معرفة الفرق بين القصص والأخبار الحقيقية والمزيفة. وقالت اللجنة إن ماليزيا تتميز بأعلى معدلات الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعية انتشارا في المنطقة، ولكن الحصول على معلومات من مصدر واحد فقط، فتح للماليزيين جبهة خطرة من التضليل. وترى اللجنة أنه يتعيّن على الوكالات الحكومية مواجهة نشاط القصص والأخبار الكاذبة التي تنتشر كالفيروس عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، خاصة "فيسبوك" و"واتساب". من جانبها، تعمل اللجنة لزيادة مستوى محو الأمية الإعلامية بين الماليزيين، بحيث يمكنهم القدرة على الوصول وتقييم ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هذا حتى الآن يُعد مجرَّد خطوة تجاه معالجة هذه المشكلة. المسألة الأساسية هي أن بعضنا لا يجتهد في متابعة المعرفة وعرض الأفكار، فمثل هؤلاء الناس يحتاجون لتغذية إيجاد الحلول لأي مسألة تعترض طريقهم. وهذا يجعلهم شركاء متميزين لمواجهة جرائم منتجي الأخبار الكاذبة. وهناك عنصر آخر يمكن أن يتسبب في انتشار الأخبار الكاذبة هو عدم الرغبة في التعليق عنها. فكم مرة رأينا شخصا ما نشر معلومات نُدرك أنها غير دقيقة أو ببساطة غير صحيحة، وامتنعنا ألا نقول عنها شيئا، لتجنب الإحراج أو بسبب عدم اكتراثنا لذلك؟ في الواقع إن البحث عن الحقيقة مسؤولية جماعية. وإذا تصرف كثير منا كالبطة العرجاء تجاه هذه المسؤولية فسنصبح بسهولة مجتمعا مشتت الذهن، وبالتالي يتلف فكرنا بسبب الأكاذيب.