لم يجتمع تناقض في حالة مدنيّة في المجتمع السعودي الحديث كما اجتمعت في حي الحرازات بجدة! ومن اللافت أن بعضاً من أهم الأسماء الصحفية على وجه الخصوص، والإعلامية بشكل عام قد تناولت موضوع الحرازات على مدى السنوات القليلة الماضية.. لكن دون جدوى! يتواصل معي سكان هذا الحي، المتهم بالعشوائية، بشكل شبه يومي، وأستعرض معهم مقاطع حديثة لمشاريع رصف وإنارة، بعضها لشوارع بعرض 40 متراً.. فكيف يكون هذا حياً عشوائياً؟! وسبق لي وأن تفاعلت مع موضوعهم ورسمت كاريكاتير يؤطر جزئياً للجانب الإنساني في الموضوع، فما ذنب الأطفال والنساء والكهول تحديداً في البقاء دون كهرباء؟! وباستعراض القصة من البداية، نجد أن الذنب الوحيد لكل مواطن هو أنه اشترى أرضاً في حي الحرازات بجدة بسعر منافس لا يتيسّر للكثيرين اليوم. ومن العجيب في الموضوع أن عمليات البيع والشراء لم تتوقف حتى يومنا هذا، ويصل ثمن بعض الأراضي هناك إلى 400 ألف ريال في هذه الأيام! فكيف يكون هذا مخططاً عشوائياً.. مرة أخرى؟! ومن وجهة نظر عملية، أقول للمعنيين بالأمر في مدينة جدة، سواء أكانت أمانة المدينة أو سواها، أنه لا خيار أمامكم تجاه المواطنين من أبناء الوطن وبناته سوى التالي: إن كانت مشكلة الكهرباء لن تحل، وستبقى عشرات البيوت بدون كهرباء، بينما تم إيصالها لـ (بعض) المنازل والمدارس ومراكز الدفاع المدني!! فمن المهم الآن حسم القضية، بالذات ونحن ننعم بوجود وزارة جديدة اسمها وزارة الإسكان. ما رأيكم أن يتم توفير سكن بديل لسكان حي الحرازات الذين عجزوا عن إيصال التيار الكهربائي إلى منازلهم. على أن تيبدأ التنفيذ فوراً، والتعويض بوحدات سكنية مماثلة لتلك التي يسكنها المواطن وأسرته في حي الحرازات. وبدون المزيد من الأخذ والعطاء، إما هذا الحل، ألا وهو توفير سكن بديل ومكافئ للقديم في المساحة والقيمة الشرائية ويحتوي على عداد كهرباء نظامي، وأن يتم هذا الإجراء في وقت معلوم وفي مكان معلوم! أو أن يتم التصريح فوراً لشركة الكهرباء بإيصال التيار الكهربائي إلى المنازل القائمة حالياً.. وكفينا وكفيتم شر النوائب! ولا أظنني بحاجة للتذكير إلى أن الصيف بدأ يداهم الأجواء، وللمسترخي من صناع القرارات الكفيلة بإنهاء هذه المشكلة، وبعضهم ينعم بالسكنى في قصر منيف قد تترامى زواياه على امتدادات تصل إلى 5000 متر مربع، أقول: بمناسبة قرب حلول فصل الصيف، فضلاً فكر قليلاً في أن تمر بشئ مما يمر به إخوتك وأخواتك في حي الحرازات! هل تقوى، أو يقوى أبناؤك، على البقاء في صيف جدة دون مكيفات؟ هل تقبل أن تشرب من ماء الزير، كأفضل وسيلة تبريد ممكنة؟ هل ترضى أن تسأل جارك المكهرَب منّة توصيل سلك عبر نافذة المجلس، لكي تتمكن من تشغيل جهاز البخار الخاص بابنتك؟ الجواب حتما لدى كل مسؤول ساهم في بقاء عشرات البيوت في الحرازات دون كهرباء.