أبلغ مستشاران للعاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المعين، حرص العاهل المغربي على «أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة في أقرب الآجال». وأشار خبر منسوب للديوان الملكي، نشرته وكالة الأنباء المغربية، ونقله الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، إلى أن المستشارين الملكيين عبد اللطيف المنوني وعمر القباج، عقدا أمس اجتماعا مع رئيس الحكومة المعين عبد الإله ابن كيران، في مقر رئاسة الحكومة، بتعليمات من الملك، أبلغا خلاله ابن كيران بانتظارات العاهل المغربي وجميع المغاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وكان لافتا أن المستشار الملكي البارز فؤاد عالي الهمة لم يكن ضمن المبعوثين الملكيين إلى ابن كيران. وعرفت المفاوضات التي يجريها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية مع رؤساء الأحزاب المغربية تعثرا منذ انطلاقها، غداة تعيينه من طرف العاهل المغربي رئيسا للحكومة، وكلفه تشكيلها يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد فوز حزبه بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 أكتوبر، وحصل حزب العدالة والتنمية خلالها على 125 مقعدا في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، الذي يتكون من 395 عضوا. ويحتاج ابن كيران إلى زهاء 200 مقعد ليضمن الغالبية داخل المجلس التشريعي، الشيء الذي يحتم عليه فتح مفاوضات مع باقي الأحزاب المغربية قصد تشكيل الغالبية الحكومية. غير أن هذه المفاوضات اصطدمت، حسب تصريحات سابقة لابن كيران، بالتنافر بين الحزبين الكبيرين المرشحين للتحالف معه، أي حزب الاستقلال الذي يتوفر على 46 مقعدا في مجلس النواب، وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتوفر على 37 صوتا. وأكد ابن كيران أنه أعطى وعدا لحزب الاستقلال بأن يشارك في حكومته، في حين يرفض حزب التجمع الوطني للأحرار أن يشارك في حكومة تضم «الاستقلال»، حسب تصريحات ابن كيران. كما عرفت علاقات ابن كيران مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حصل على 20 مقعدا نيابيا، توترا عقب كشف ابن كيران لبعض التفاصيل حول لقاء سابق له مع قيادة الاتحاد الاشتراكي، وانتقاد مطالبتها برئاسة مجلس النواب. في حين ربط حزب الحركة الشعبية، الذي يتوفر على 27 مقعدا نيابيا، موقفه بشأن المشاركة في الحكومة بموقف التجمع الوطني للأحرار. ويرى المراقبون أن الطريقة التي اختارها العاهل المغربي لإبلاغ رئيس الحكومة المعين بانتظاراته وانتظارات المغاربة بخصوص تشكيل الحكومة، تكتسي أكثر من مغزى. فقد كلف العاهل المغربي بهذه المهمة مستشاره عبد اللطيف المنوني، الذي تولى رئاسة اللجنة التي أشرفت على إعداد وصياغة دستور 2011، ورافقه فيها المستشار عمر القباج المعروف عنه أنه يتدخل فقط في القضايا الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، اختار الملك بعث رسالة عبر مستشاريه بدل استقبال ابن كيران، أو الاتصال به مباشرة ليسأله عن تطورات مشاورات تشكيل الحكومة. وأثار تأخير تشكيل الحكومة جدلا قانونيا ودستوريا في المغرب خلال الأسابيع الماضية، وطرح كثيرا من الحلول والبدائل، منها إمكانية تعيين الملك لشخص آخر مكان ابن كيران لتشكيل الحكومة. وفي هذه الحالة يرى البعض أن ذلك الشخص يجب أن يكون من حزب العدالة والتنمية باعتباره متصدر نتائج الانتخابات الأخيرة، فيما يرى آخرون إمكانية تعيين شخصية تكنوقراطية، وذهب آخرون إلى إمكانية إعطاء هذه الصلاحية للحزب الثاني في الانتخابات، أي حزب الأصالة والمعاصرة الذي حصل على 102 من المقاعد النيابية. وبوصفه حلا ممكنا للأزمة، يرى آخرون ضرورة حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات. غير أن كثيرا من الفاعلين السياسيين يستبعدون هذا الحل نظرا للكلفة الباهظة لإعادة الانتخابات. وفي موضوع ذي صلة، لوح حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، أمس، خلال انعقاد المجلس العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب (اتحاد عمالي تابع للحزب)، بإمكانية إعادة الانتخابات، مشيرا إلى أن حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار هما المسؤولان عن عرقلة تشكيل الحكومة. وقال شباط: «إذا لم يتراجعا سيتم اللجوء إلى إعادة الانتخابات خلال مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) المقبلين». وأشار شباط إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة كان مشاركا في الحكومة السابقة، وقال إنه شارك من خلال وزراء من دون انتماء سياسي في البداية، والذين التحقوا بعد ذلك بحزب التجمع الوطني للأحرار، وسيطروا عليه واستولوا على رئاسته، في إشارة إلى عزيز أخنوش، واتهمهم بأنهم من يعملون اليوم على عرقلة تشكيل الحكومة، ويرفضون مشاركة حزب الاستقلال فيها.