أعاد هجوم برلين على يد أنيس العامري النقاش بقوة في ألمانيا إلى موضوع ترحيل المهاجرين القادمين من دول شمال أفريقيا والذين رفضت طلبات لجوئهم إلى بلدانهم، وسط تقديرات بأن قلة أعداد اللاجئين المغاربيين المرحلين ترجع إلى تلكؤ الدول المغاربية في استقبالهم. وفي هذا السياق، وجه رئيس حزب الخضر جيم أوزدمير انتقادات شديدة لتونس بسبب التعقيدات التي تطال إجراءاتها المتعلقةبترحيل مواطنيها. وقال أوزدمير لصحيفة بيلد الألمانية إنه "من غير المقبول أن ترحب هذه الدول بالدعم الذي يقدم لها، لكنها بالمقابل تتلكأ في استقبال مجرمين ينحدرون منها". واعتبرأن المهاجرين من أمثال أنيس العامري الذين يصنفونخطيرين يجب أن يرحلوا في أسرع وقت. جولة دي ميزيير يشار إلى أن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير سبق أن زار المغرب وتونس والجزائر في فبراير/شباط الماضي لبحث سبل التعاون في هذا الموضوع، ورحبوقتها بنتائج مباحثاته مع نظيره المغربي محمد حصاد، حيث أعلن الأخير أن الرباط مستعدة لتعزيز التعاون مع برلين في ما يتعلق بتحديد هويات المغاربة من خلال بصماتهم بما أن المغرب يملك بنك بيانات جيدة لمواطنيه. ولقيت هذه التصريحات إعجاب المسؤولين الألمان، لكن الأمور على الأرض لم تتغير كثيرا. ولغاية نهايةنوفمبر/تشرين الثاني الماضي رحلت ألمانيا 23 ألفا و750 شخصا،أغلبيتهم من ولاية شمال الراين وستفاليا، ورغم ارتفاع عدد المرحلين مقارنة بالعام السابقفإن الأصوات المطالبة بترحيل مهاجري شمال أفريقيا تتصاعد رغم النقاش الذي رافق تصنيف المغرب والجزائر وتونسدولا آمنة. وتعزو الخبيرة في معهد الدراسات الأمنية والإستراتيجيةببرلين إيزابيل فيرينفلسالصعوبات التي تواجه ترحيل المغاربيين المرفوضة طلبات لجوئهم إلى غياب إرادة سياسية كافية لتحقيق ذلك من طرف الدول المغاربية المذكورة. التحويلات وتقول "أولا نسبة الشباب عالية في هذه البلدان، وعندما يهاجرون إلى أوروبا يبعثون أموالا لذويهم وأحيانا يصبحون معيلين لعائلاتهم في بلدانهم حتى إن لم تكن وضعيتهم قانونية، كما أن هجرتهم تخفف من الضغط على سوق العمل الذي يشهد نسبة بطالة عالية، وهذا كله يصب في مصالح هذه الدول". وتضيف الخبيرة الألمانية أن جزءا من هؤلاء المهاجرين مجرمون أو لديهم ماض إجرامي، وبالطبع لا ترى هذه البلدان مصلحة في استرجاع هذا من النوع من المهاجرين. وفي هذا السياق، تقول إن هذه المشكلة لا تنحصر في موضوع الترحيل وإنما في شكوى الحكومات الأوروبية من عدم فعالية البيروقراطيةالمتبعةبالدول المغاربية حتى في مجالات تعاون أخرى. الحصول على وثائق ثبوتية من سلطات البلد المعني مشكلة تعيق قرار الإبعاد(دويتشه فيلله) وتطرقت صحيفة دي فيلت الألمانية إلى عراقيل أخرى، فنقلت عن وزير داخلية ولاية ساكسونيا إشارته إلى صعوبات الحصول على وثائق الهوية بالإضافة إلى أسباب صحية وأسباب عائلية مثل الزواج. وقد وصل عدد التونسيين الذين تم ترحيلهم في الأرباع الثلاثة الأولى من سنة 2016 إلى 98 فقط. علاوة على ذلك، تقول فيرينفلس إن هذه الدول تعتبر بشكل عام أن الدول الأوروبية -وإن كانت ألمانيا بشكل أقل- تطلب الكثير دون أن تقدم مقابل ذلك وتلقي بمشاكلها في ما يتعلق بالهجرة على عاتق هذه الدول. وتضيف أن "هذه البلدان تريد مساعدات مالية، وتطوير مشاريع للتبادل ومنح قروض جديدة أو إلغاء قروض سابقة، بالإضافة إلى دعم سياسي أيضا، وكمثال هنا قضية الصحراء التي يسعى المغرب فيها إلى حشد المزيد من الدعم لموقفه". أما في حالة تونس فتقول الخبيرة الألمانية إن المقابل الذي يمكن أن تقدمه ألمانيا لهذا البلد قد يشمل مساعدة التونسيين على التعامل مع اللاجئين الليبيين الموجودين في تونس وكذلك المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء. وعن الربط بين هذا النقاش والإجراءات لتسهيل ترحيل المهاجرين المغاربيين وهجوم برلين وتورط تونسي فيه، تقول فيرينفلس إن هذا الربط خطير ولا يجوز، مضيفة أن "نسبة الإرهابيين من بين المهاجرين المغاربيين في ألمانيا لا ترقى إلىنسبة 1%، ثم لقد رأينا في حالة فرنسا مثلا أن من تورطوابالإرهاب يكونون في أحيان كثيرة أشخاصا ولدوا وترعرعوا فيها وليسوا وافدين".