×
محافظة المنطقة الشرقية

«الكهرباء» تستعد لشراء 400 ألف عداد ذكي - محليات

صورة الخبر

في ظل العولمة والتغريب المجتمعي الذي نعيشه، كان لزاماً علينا أن نحدد ونرسم شكلَ هوية الفرد في مجتمعنا الصغير الذي تقطع إربا بين محيطه وشغفه العالمي، وإذا أردنا أن نحدد هوية المجتمع الكويتي لا بدَّ علينا معرفة أنَّ الهوية تُبنى ببناء أداة الفكر والإدراك وهي اللغة التي نستقي منها تراثنا وتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، وبلباسنا الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من الإنسان، وتأتي الأمور الأخرى تبعا لأهميتها وتأثيرها في السلوك والشخصية. وبنظرة فاحصة نجد أنَّ مجتمعنا بانفتاحه على الجميع بدأ ينسلخ من جلده وهويته ويذهب إلى حيث ذهب الصيني الذي يسمع أغاني الراب ويلبس القلائد الذهبية ليتقمص دور الأميركي ذي البشرة الداكنة ولكن هيهات بين ذلك وذاك، فموجة التطور الكاذبة الذي نعاني منها شبيهة بحالة - الصيني - لكنَّنا في الكويت لا نعاني من التغريب نفسه ولكن نعاني من الحرب على الموروث والدين والعادات والتقاليد وكأنها سبب في التخلف والانحدار والرجوع إلى آخر الركب، وصارت الحرب ترفع باسم الحرية الشخصية، وكأن هذه الكلمة – الحرية الشخصية - هي المفتاح السحري الذي سيفتح أي باب مغلق ويسكت أي لسان ناطق برأي مخالف. والحديث هنا عن - خلع الحجاب- الذي أصبح موضة من لا موضة له بدعوى واهية أنَّ الحجاب ليس من الدين وأنه موروث مجتمعي، وأنا لن أناقش أدلة فرضها الله - سبحانه وتعالى - ولكنّي أقف حائرا أمام من يظن أنَّ الحجاب هو حجاب للعقل وأنَّه سدٌ منيع لتطور أي مجتمع، والتاريخ الإسلامي به نساء كثيرات برعنَ في الكثير من المجالات وحتى المشاركة في المعارك ولم يمنعهن حجابهن الذي يعد جزءا من تراثهم الاجتماعي والديني والذي جاء توافقا مع ما يقتضيه المجتمع من متطلبات وطبيعة لكي ينسجم الإنسان معه. تعدى الأمر في خلع الحجاب إلى أنَّ البعض منهن خلعت حجابها مشرعنة إياه بنص ديني، وكأنَّ شرعنته ستريح ضميرا سيظل مشغولا إلى أبد الآبدين يبحث عن تعريف لمعنى - حرية شخصية - التي تسمح بنسف الموروث الديني بدعوى عرقلته للتطور، ونسف الموروث الاجتماعي بدعوى أنه غير ملزم، فإذا نسفنا الدين والعادات والتقاليد وتحدثنا بلسان غير لساننا فمن نكون بعدها! سنكون لا محالة مسخاً لا شكل له ولا رائحة ولا لون. هناك دول كثيرة واكبت التطور من دون أن تتخلى عن جزء بسيط من ثقافتها ودينها، فالهند مثلا صنعت ما لا يصنعه العالم من أجهزة وأسلحة ومعدات دون أن تحذف نساء الهند - الساري - ويستبدلنه بالجينز، وكذلك الباكستاني الذي صنع القنبلة النووية لم يخجل من لباسه بل يسافر به في كل مكان مواجها العالم أجمع بثقافته وزيه وهويته، ليتنا أخذنا من الغرب تطوره الصناعي والإداري ودقتهم في العمل لكنَّا من أقوى دول العالم. خارج النص: المفارقة الغريبة أنَّ من يعيش التغريب بعرضه وطوله بلباسه ولغته وتخليه عن دينه وموروثه، تجده متحمساً جدا لأصوله العربية العريقة وكأنه هو وعائلته اكتشفوا الذرة، فهو يرفض كل شيء إلا أصله الذي يميزه عن شريحة كبيرة من البشر فتجده ينتقد كل شيء له علاقة بالهوية العربية إلا أصله، فيأخذ من هويته ما يعجبه ويرمي ما لا يعجبه في أقرب قمامة، معتقدا أنَّه حقق تطورا من مراحل تطور النهضة الإنسانية ولا يدري بأنَّه أخرج صورة مشوهة لإنسان يعيش بين البين، بين نصف عربي ونصف أجنبي بين نصف مسلم ونصف ملحد، بين نصف حجاب ونصف - توربون - يعيش بين أنصاف لا جامع لها مهما كان؛ لأنَّها وبكل بساطة أفكار مشوهة منذ ولادتها لا تشبه أمها وأباها. AlSaddani@hotmail.com