في المجتمعات الشرقية أكاد أجزم أن الحُب يصنف كجريمة، رغم أن خير خلق الله تغنى بحب عائشة أم المؤمنين، رضوان الله عليها. والحُب أنواع، لعل أقساه وأكثره ألماً هو الحُب من طرف واحد، كمن يحب الوطن، حتى وإن لم يمتلك فيه سكنا! ولأن الحُب ممارسة إنسانية فمنه السلبي والإيجابي، فحُب النفس يُصنف بأنه أنانية، رغم أن حب الذات المتوازن ثقة في النفس، وبين هذا وذاك يترنح الحُب تارة في دور الضحية، وتارة في دور المنقذ! وحُب العمل وقود أمل، حتى وإن طغت البطالة في وطن تعج به العمالة! وبين كل هذه التناقضات يدور الحُب بين الأفلاك بسلاسة، يعذّب هذا ويجرح ذاك، دون رمح أو سكين دون جروح ظاهرة لكنه يدمي روحاً تعذبت بمحبوبها بصمت. ويتغنى الشعراء دائماً بالحُب بل ويعدونه وقوداً لإشعال نهر حروفهم، فالفراق والاشتياق والبعد والنوى والغرام والهوى والعشق والهيام والسهر والقهر كُلها تأتي مع أو بعد أو أثناء الحُب! ويقال بأن الحُب حيّر الحكماء وأنطق الشعراء وجعل من به نباهة أمام محبوبه يصاب بالبلاهة! وارتبط الحب بالعيون، حيث يقول من وقع في حب محبوبته إن أقسى ما في العيون أنها بنظرة تخون! بعد كل هذا يأتي من يعتقد أن الحُب ضعف رغم أنه قوة، فمن أحب الله استمد قوته ممن له ملك السماوات والأرض، وأجمل ما في الحُب أنه حقٌ مشاع لكل البشر فقد يحب الفقير حتى ولو تضور جوعاً، وقد يحب الغني فتعذبه محبوبته ولو تضور عشقاً! خاتمة: ليس الحب عيباً، لكن العيب أن يغرر شابٌ بفتاته التي تحبه باسم الحُب وهو يخدعها، وليس الحُب إلا خدعة كبرى لمن اعتقد لوهلة أن الحُب هو مطامعٌ جسدية وتناسى بأن الحُب أرواح تتلاقى، وبعد كل هذا أحياناً أسأل نفسي هل ما زال هناك حُب؟