×
محافظة المنطقة الشرقية

ترقية العتيبي إلى رتبة عميد

صورة الخبر

يقول بعضهم في روسيا إن لدى فلاديمير بوتين حظاً «يفلق الصخر»، فهو استلم تركة ثقيلة عندما وصل إلى السلطة عام الفين وكانت البلاد تشارف على التفكك والانهيار، واقتصادها يترنح والحرب في القوقاز تأكل ما تبقى من هيبتها. لكن خطواته السياسية السريعة مع «نعمة» ارتفاع سعر برميل النفط من 17 إلى نحو مئة دولار في فترة قياسية، حوّلته زعيماً منقذاً لروسيا من الضياع. وعندما ضاقت الأمور فيها عام 2008 وغدت الأزمة الاقتصادية سيفاً يهدد النظام، جاءت حرب الأيام الخمسة مع جورجيا والانتصار المتوّج بـ «تحرير» أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ليرفعا أسهم الرئيس بوتين ويحوّلاه زعيماً للأمة بلا منازع، على رغم تواريه قليلاً عن الأنظار خلف صديقه ديمتري مدفيديف، ليمهّد لعودة قوية إلى الواجهة، فاتحاً مرحلة جديدة في سياسته عنوانها «أن نتقدم هناك حيث يتراجع الآخرون». حتى حين ارتبكت روسيا قليلاً امام مشهد «الربيع العربي» وتحسّبت له وأوجست شراً مقبلاً عليها، جاءت الأخطاء المتتالية للغرب لتمنح سيد الكرملين حبل إنقاذ، فتمكّن من العبور وتحوَّل صاحب مبادرة إلى «التسويات السلمية» و... «مواجهة التطرف الناشئ عن فوضى الثورات». ولم يكن الزعيم الروسي يعلم وهو جالس على مقعده الوثير في سوتشي، يراقب دهشة العالم بدقة تنظيم أولمبياد حمل عنوان العودة الروسية إلى الصدارة، أن هدية «تاريخية» جديدة مخبّأة له، حتى جاءت القرم على طبق من ذهب. كانت روسيا تحسب بصمت خسائرها الناجمة عن انتصار الثورة الأوكرانية، والرئيس المشغول في سوتشي لم يظهر إلا بعد أسبوع كامل، وكان ظهوره إيذاناً بانقلاب المعادلة. هذه المرة، دخل بوتين التاريخ الروسي من أوسع أبوابه، إذ حسمت التحركات السريعة في القرم الوضع لمصلحة موسكو، التي قد تكون خسرت أوكرانيا -كما يقول كثيرون- لكنها في المقابل استعادت جزءاً عزيزاً على تاريخها ظلت تحارب من أجله قروناً. هكذا على الأقل ينظر الروس إلى الحدث الأوكراني وعملية انفصال القرم التي باتت أكيدة. ويكفي أن نِسَب تأييد الزعيم الروسي قفزت من 58 في المئة بداية السنة، لتتجاوز حاجز السبعين في المئة قبل أيام، على خلفية الحدث الأوكراني ومسار انفصال القرم. أما تفسير ذلك فأمر لا تعقيد فيه، إذ ظلت القرم لزمن طويل مرتبطة في الذاكرة الروسية بأمجاد القياصرة الذين حَجَزَ بوتين-كما يقول مؤيدون الآن- مقعداً إلى جانبهم في التاريخ... من بطرس الأكبر الذي شن حرباً فاشلة لضم القرم عام 1678 إلى نجاح الإمبراطورة كاتيرينا الثانية في إلحاق شبه الجزيرة بروسيا في 19 نيسان (أبريل) 1783 بعد حرب لسنوات أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من سكان شبه الجزيرة. الفارق ان «القيصر المتوَّج» هذه المرة، سيدخل القرم «من دون إراقة دماء» كما يفاخر أنصاره، بل عبر صناديق الاقتراع. وغالبية الروس التي ثَمِلَت بنشوة التطورات، لا تكترث بمدى قانونية المستجدات في القرم، ومن ينبري للحديث عن ذلك تحاصره آراء من يذكّر بأن واشنطن وحليفاتها مارسن «افعالاً قانونية في العراق ويوغوسلافيا»! ولا يهتم أيضاً بردود الفعل الغربية المتوقعة، فالقرم «أرض روسية دفعنا عليها دماءنا على مدى قرنين، وهي تعود لأصحابها الآن». أما العقوبات المحتملة فستكون نعمة، لأنها «فرصة للتخلص من واقعنا الاقتصادي، والاعتماد على الذات وبناء اقتصاد وطني نشط» كما يردد كثيرون. ومع الصعود الصاروخي لنجم الزعيم الروسي، خفتت أصوات المعارضة والتي لم تكن مسموعة كثيراً، واستغلت سلطات موسكو انشغال العالم بالحدث الأوكراني لتغلق ما بقي من صحف ومواقع إلكترونية حاولت أن تقدم رؤية أخرى للحدث، حتى القلة التي أعربت عن موقف معارض، قوبلت بصرخات استهجان: «مَنْ يجرؤ اليوم في روسيا على انتقاد رجل أعاد أمجاد الأمبراطورية العظيمة؟». أوكرانياروسيابوتين